facebook

عظه ( صوم النفس ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه
( صوم النفس )
لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى
للتحميل 


...

عظه ( روح العناد ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه
( روح العناد )
لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى
للتحميل 

عظه ( حياة النقاوه ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه

( حياة النقاوه )

لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

للتحميل


عظه ( بتول بين انياب الاسد ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه

( بتول بين انياب الاسد )

لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

للتحميل




عظه ( اليأس ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه
( اليأس )
لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى
للتحميل


.

عظه ( الوطن السماوي ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى



عظه
( الوطن السماوي )
لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى
للتحميل
http://www.mediafire.com/?klmdowjmm0m
 
 
..

عظه ( الهم ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه
( الهم )
لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى
للتحميل
...

جديد تامل افتكر الصليب ابونا داود لمعي


سيره القديس باسيليوس الكبير بصوت ابونا فليمون الانبا بيشوى

سيره القديس
باسيليوس الكبير
بصوت
ابونا فليمون الانبا بيشوى
للتحميل
...

ترنيمه ( وايد احبك يا يسوع ) للمرنمه الخلجيه ريتا فوزى

ترنيمه ( وايد احبك يا يسوع ) للمرنمه الخلجيه ريتا فوزى




للتحميل

http://www.mediafire.com/?zjooylflmij

...

تحديث الصفحة تماف‏ ‏إيريني‏..‏ سيرة‏ ‏عطرة‏ ‏علي‏ ‏مدي‏ ‏الأجيال


حكاية توبة
:
كنت في كرير وباعمل إجتماعات للشعب يومياً لمد خمسة أيام ..
أحكى لهم معجزات وبعد الإجتماع نأخذ بركة الحاضرين فى طابور واحد

وأثناء وقوف الحاضرين فى الطابور لاحظت مدام تبكى بحرقه قلت لأمنا كيريا أحجزيها لى وسألتها ليه بتبكى ؟

قالت زوجى صعب خالص وأخلاقه وحشة جداً
,

عندنا ثلاثة أولاد على الرغم من ذلك يرجع من الشغل يأكل ويستحم ويخرج بعد ذلك ويجى كل يوم وش الصبح شارب ومترنح بيلعب قمار وخمرة ويروح الأماكن الوحشة ومصاحب ستات وحشين ولو كلمته كلمة واحدة يشتمنى ويضربنى لدرجة أنه كسر مره رجلى ومره يدى وأنا خايفه لو عرف أنى جيت الدير هايضربنى.

تاماف قالت لها متزعليش هانصلى كلنا ونصوم 3 ايام وإنتى صومى معانا ونطلب صلوات أمنا العدرا والشهيد ..

تانى يوم لم تحضر كذلك اليوم الثالث وفى رابع يوم جائت ومعاها زوجها وقال لى عايزك يا أمنا قلت له حاضر وقعدت معاه وقال لى أنا باعمل كل الخطايا والشرور وراح يحكى حاجة تقشعر لها الأبدان بقيت مش قادرة أسمع كلامه

وأكمل قائلاً :لما رجعت من الشغل وسألت عن المدام وعرفت إنها فى الدير شتمت على الشهيد وعليكى لما قلت يا بس ولما رجعت المدام ضربتها علقة متينه وخرجت أسهر كالعادة وأشرب الخمر زى كل يوم ورجعت وش الصبح مترنح ونمت ولكنى صحيت على صوت دربكه جامده فى الغرفه فتحت عينى لقيت الشهيد أبى سيفين منوّر فى الضلمه وراكب على حصانه البنى وقال لى بتشتم علىّ وعلى امنا إيرينى ليه ؟
الحياة إن مهما طالت هتنتهى ويبقى الجسد تراب والروح تظل فى أبدية لا تنتهى
,
إما فى الفردوس لو أعمالها كويسة إما فى الجحيم والعذاب الذى لا يطاق
..
لماذا لا تفكر فى أبديتك ! أين جدودك وأبوك وأمك
..
.
كلهم ماتوا وإنت التانى هاتموت لماذا لا تستعد !؟
العمر بيجرى وبأعمالك ليس لك خلاص توب قبل ما تندم فى وقت لا ينفع فيه الندم مادمت حى لك الفرصه للتوبة لكن بعد ما تموت يتقفل باب الرحمة وأنت مش ضامن عمرك فى لحظة
..
صحبك الفلانى نام وماصحيش وكان مش عيان لماذا لا تستعد لاخرتك!؟

إنت بتعمل كذا وكذا وصارحه بخطاياه فإنسحق جداً وأخذ يبكى كالأطفال
فقال له لا تحزن لك فرصة روح توب فسأل الشهيد هل ربنا يقبل توبتى
طبعاً ربنا تجسد ليخلص الخطاه وكل إللى بيعملوا الشرور زيك لو ماتوا يروحوا الجحيم حيث الكآبه والحزن والآلآم والآنين والظلمه والتنهد والعذاب والدود الذى لا يموت والنار التى لا تطفىء والريحه الكريهة لكن اللى جاهدوا أو نفذوا الوصايا يروحوا الفردوس حيث الفرح والسلام والوجود الدائم فى حضرة الله
.

إستشهدت وأنا عمرى خمسه وعشرين سنه صحيح تعذبت كتير من أجل الله لكن إتمتعت الآن بمجد لا ينطق به وأبدية لا تنتهى

قال الرجل للشهيد إزاى أتوب قال له روح الدير وخلى أمنا إيرينى تقول لك حكايتى وتعرّفك إزاى تتوب
.
وأدينى جيت وإللى تأمرى بيه أنا هأعمله وقعد يبكى شوفوا إزاى الصلاة بإيمان والصوم تقرب البعيد وتتوب الشرير... قلت له يروح لأب إعترافه أبونا /متياس روفائيل ووصيته عليه فى التليفون

فقال لها :ياما شتمته وطردته قالت معلش ده أب هيسامحك وانوى ماتعملش الشر تانى ولا تروح الأماكن الشريره دى تانى وتقطع كل علاقاتك الأثيمه وتبطل إللى بتشربه ده وتحب ربنا وتروح الكنيسة وتعترف وتتناول وتحب بيتك وأولادك وتعمل لآخرتك
...

ويتمجد الرب دلوقتى بقى كويس قديس وخادم وبقينا بنتعلم منه والبركه حلّت فى بيته ويعطى الكنيسة بإستمرار ومتخصص فى جذب الشباب المنحرف تاب توبه حلوه ياريت نتوب ونجاهد علشان نروح نتمتع بالمجد مع أولادنا فى سماء هرب منها الحزن والكآبه والتنهد والضيق ولا نظن قد فقدنا أولادنا بل ربحناهم فى السماء وصاروا لنا شفعاء وأكتر حاجة تضايق إللى فى السماء إن حد يبكى عليهم ويكون غير متعزى دى نظرة قصيره إنا نفكر بيهم إنهم فرحانين ومبسوطين وفى مجد عظيم وإحنا نتعزى ونتوب ونجاهد لنصل إليهم ولربنا كل المجد إلى الابد أمين


المكتوب عن الأم إيريني قليل- بل يكاد يكون نادرا- ولكن الأيام القادمة ستسجل الكثير مما لم يسجل..
ومما قد نعتبره من غرائب المصادفات
أن الأم إيريني التي رحلت منذ أربعين يوما إلي السماء سبقها منذ عام -16نوفمبر 2005- شقيقها عزت يسي
.
.
واحتفلت أسرتهما بفرحة نعمة وصولهما -معا- إلي السماء
..
في ذكري رحيل الشقيق عزت أصدرت أسرته كتيبا- دون قصد- جاء لينقل بعضا من جوانب حياة تماف إيريني
,
وكأن الرب قد أراد أن يضع بين أيدينا بعضا من صفحات هذا الكنز..وأدعوكم لنقرأ معا سطور هذه الصفحات.

السطور الأولي تتحدث عن الأسرة.. تقول:
** أسرة نقية تقية نبتت في حضن كنيسة المسيح من أب تقي وتاجر حكيم- الخواجة يسي- وأم قديسة وديعة طاهرة القلب-جنفياف- وظلت طوال حياتها تعمل الخير والرحمة مع الكل دون تمييز... وقد أثمرت هذه الشجرة المغروسة علي ضفاف نهر الحب الإلهي عن سبع ثمار جيدة جدا..أولهما كوكب منير في برية الرهبنة أمنا إيريني منارة الراهبات في عصرنا الحالي.

عبر السطور التالية تحكي تماف قصة ميلاد شقيقها..
تقول:
** لم يكن يعيش لوالدتنا أولاد صبيان وفي يوم رأت ماما جنفياف في رؤيا ملاكا يبشرها بميلاد ابن وأنها سوف تسميه عزت لأن الخير سيكون واسعا في حياته,ولذلك دعي بهذا الاسم..كانت والدتنا أما قديسة متواضعة,جميلة من الخارج والداخل,ممتلئة بعطايا الروح القدس..المحبة..الطهارة..الاحتمال..والصبر..

* كانت الأسرة تحب الملاك ميخائيل جدا..وتحكي تماف إيريني:
** كانت والدتي تواظب علي عمل الفطير في أيام أعياده. .كان الملاك ينزل ليبارك خبيز العيش ثم يترك علامة الصليب بجناحيه الطاهرين, ليؤكد حضوره لمباركة العجين الذي كان يكفي الأسرة والمحتاجين حتي الشبع
.
.
في الصباح كانت ماما جنفياف تسرع إلي الخبز لتأخذ البركة وتوزعها علي العائلة والأحباب
..
ثم رحلت الأم الفاضلة إلي بيتها السماوي مكللة بمجد أعمالها الحسنة
..
علم قداسة البابا كيرلس السادس بذلك فطلب بأبوته الحانية-والكلام للأم إيريني- أن تعود إلي منزل الأسرة بجرجا وتعين الوالد لبعض الوقت
..
وكانت ماما جنفياف تظهر لي يوميا لمدة أربعين يوما ترشدني في تصريف أمور المنزل والأولاد
..
بل وكانت تذهب معي لتغطيتهم بالليل,وتحكي مع عن السماويات.

* نقلب الصفحات
..
وتواصل قرينة الراحل عزت الحديث..ولأن حديثها ينقل لنا جانبا من جوانب حياة تماف إيريني
..
فإننا ننقل هنا بعض السطور:

** كانت علاقتنا بتماف إيريني علاقة حب عجيب..كانت تمثل لنا الهواء الذي نتنفسه,والماء الذي نشربه..كنا ونحن أطفال وشباب نأخذ مشورتها في كل شيء في حياتنا سواء كان صغيرا أو كبيرا..كنا نسعد بالوقت الذي نجلس فيه معها لنأخذ بإرشادها..كان الدير أول مكان نقصده من المستشفي بعد أي مولود لنا لنضعه علي حجر تماف ونشاركها فرحتنا بعطايا الرب لنا.

** كان عزت يشعر بآلامها دون أن تتحدث بها
.
.في بعض الليالي كان يقوم فجأة من النوم بلهفة وقلق ويقول تماف تعبانة قوي دلوقتي عندها أزمة شديدة..ونعرف في الغد أن تماف فعلا كانت تعاني من أزمة صحية
.
.
كان هناك رباط وثيق غير مرئي بين قلبيهما لايعبر عنه ولايعرفه أحد سواهما
..
أذكر أنتماف تعرضت لأزمة قلبية شديدة دخلت علي أثرها مركز الحياة بالرعاية المركزة وحدث أنها فارقت الحياة,ولكن الله بفيض نعمته أعادها مرة أخري باعتراف كل الأطباء الأجلاء, وعلي رأسهم الدكتور فايز فايق المشهور بعلمه وطبه وحبه لها..
في تلك الفترة كان عزت بجانبها ولم يتركها لحظة واحدة حتي مرت الفترة الحرجة واطمأن قلبه..كان قلبه ينبض بالحياة في حضرتها.

** حكي عزت مرة أنه كان معها في سويسرا, كان عادة ما يذهب معها إلي مكان إقامتها ثم يقف بعيدا عن باب حجرتها ليطمئن عليها..
في ذلك اليوم كان هناك شيء ما يشده للحجرة- رائحة جميلة لا يمكن لأحد أن يصف جمالها تخرج من الباب..
تسمر في مكانه غير قادر علي الحركة وأخذ يستنشق ذلك النسيم الجميل
..
دعته تماف للدخول فدخل..كان رب المجد موجودا معهما في ذلك اليوم.. في ذلك المكان.

مديح الصلبوت اللذى تقال يوم الجمعه العظيمه

مديح الصلبوت
تقال يوم الجمعة العظيمة




اضغط هنا للتحميل


http://www.malek-elmlook.com/link//383


اللينك مباشر مساحه 25 ميجا
زمن المديح 28 دقيقه
للمزيد من مواضيعي

ترنيمه ( اه لو تعرف ) جميله جدا

ترنيمه

( اه لو تعرف )

للتحميل
http://www.mediafire.com/?3ttrumo3nro

.
للمزيد من مواضيعي

شريط ( ترانيم وحشانى 1 ) للمرنم جورج منز

شريط ( ترانيم وحشانى 1 ) للمرنم جورج منز




الترانيم


يسوع أنت تعلم أن

انا يا يسوع انا

من بعد ربى انا عائد

امسك يدي وقدني

ياسائح للقاء يسوع

دق باب القلب يوما

وسط البحر الهايج

اسمع صراخي يا سيدي

زى العصفور

طال انتظارنا

للتحـــــمـــــيل



.
http://www.mediafire.com/?ijdkwnnqnim
للمزيد من مواضيعي

فيديو ظهور العذراء مريم على وجه قداسه البابا شنوده الثالت

فيديو ظهور العذراء مريم على وجه قداسه البابا شنوده الثالت

اضفط هنا للتحميل





.

قيديو استقبال تماف ايرينى الى دير ابى سفين بعد رحله علاج 8 اشهر فى الولايات المتحده

قيديو استقبال تماف ايرينى الى دير ابى سفين بعد رحله علاج 8 اشهر فى الولايات المتحده


اضغط هنا للتحميل



.

شريط ( ترانيم وحشانى 2 ) للمرنم جورج منز

شريط ( ترانيم وحشانى 2 ) للمرنم جورج منز



الترانيــــــــــــم

مجروح ياربى

كيف أنسى سيدي

دايما بتخبيني

نادم يارب أنا

حيث قادني أسير

لو لم يحبني المسيح

المؤمن الأمين

من الأعماق

تعالوا ياتعابى

ما أبهج اليوم الذي

للتحميـــــــــــــــل

http://www.mediafire.com/?omm5nwwgkzz


.

18 ترنيمه للاطفال بصوت ابونا يوسف اسعد

ترنيمه ( مليكتى )

معنى كلمة كنيسة



معنى كلمة كنيسة واستعمالاتها المختلفة كما وردت في العهد الجديد من الكتاب المقدس؟

- إن كلمة كنيسة بحدّ ذاتها هي كلمة غير عربية أصلاً، بل مشتقة من اللغة السريانية واليونانية. فالكلمة السريانية معناها "مجمع"، أما الكلمة اليونانية المستعملة في العهد الجديد، من الكتاب المقدس فهي "اكلسيا" أو "اكليزيا" وتعني مجمع المواطنين في بلاد اليونان الذين كانت الحكومة تدعوهم للتشريع أو لأمور أخرى (أعمال 32:19و41).

+ هل يمكن تعديد الاستعمالات المختلفة، التي وردت فيها كلمة كنيسة في العهد الجديد من الكتاب المقدس؟

- في الواقع أن كلمة كنيسة وردت في العهد الجديد من الكتاب المقدس في أماكن مختلفة وبمعانٍ مختلفة.

أولاً:

وردت بمعنى المكان الذي يجتمع فيه المؤمنون للعبادة. وقد ورد ذلك في مراجع عدّة منها: "فحدث أنهما (أي برنابا وشاول في أنطاكية) اجتمعا في الكنيسة سنة كاملة وعلّما جمعاً غفيراً، ودعى التلاميذ مسيحيين في أنطاية أولاً" (أعمال الرسل26:11). و"لأني أولاً حين تجتمعون في الكنيسة أسمع أن بينكم انشقاقات وأصدق بعض التصديق" (1كورنثوس18:11). في المرجعين السابقين وردت أولاً كلمة كنيسة بمعنى مكان اجتماع المؤمنين.

ثانياً:

أما المعنى الثاني لكلمة كنيسة فهو جماعة المؤمنين عموماً، أي الكنيسة الجامعة جسد المسيح. وهذه بعض المراجع التي تؤيد هذين الاستعمالين حيث خاطب المسيح بطرس أحد تلاميذه بقوله: "وأنا أقولك لك أيضاً، أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (متى18:16). وحين قال بولس في عن المسيح في رسالته إلى أفسس: "وأخضع كل شيء تحت قدميه وإياه جعل رأساً فوق كل شيء للكنيسة التي هي جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل" (أفسس 22:1-23).

ثالثاً:

أ - أما الاستعمال الثالث لكلمة كنيسة يشير إلى جماعة من المؤمنين في مكان معين مثل كنيسة أورشليم أي القدس وغيرها.

ب - مثل كنيسة أورشليم "ولما حضروا إلى أورشليم قبلتهم الكنيسة والرسل والمشايخ، فأخبروهم بكل ما صنع الله معهم" (أعمال4:15).

ج - وكنيسة أنطاكية "وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون برنابا وسمعان الذي يدعى نيجر.." (أعمال1:13).

د - كنيسة تسالونيكي "بولس وسلوانس وتيموثاوس إلى كنيسة التسالونكيين في الله أبينا والرب يسوع المسيح" (2تسالونيكي 1:1).

هـ- كنيسة كورنثوس "إلى كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع.." (1كورنثوس2:1).

رابعاً:

أما الاستعمال الرابع لكلمة كنيسة في العهد الجديد، فيشير إلى فئة صغيرة، أو جماعة قليلة من المؤمنين كما ورد في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس الأصحاح السادس عشر، والعدد التاسع عشر.: "تسلم عليك كنائس آسيا، يسلم عليكم في الرب كثيراً اكيلا وبرسكلا مع الكنيسة التي في بيتهما" (1كورنثوس19:16).

وأيضاً كما ورد في رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي: "سلّموا على الإخوة في لاودكية وعلى نمفاس وعلى الكنيسة التي في بيته" (كولوسي15:4).

وأيضاً كما ورد في رسالة فليمون العددين الأول والثاني، يقول بولس الرسول إلى فليمون: "بولس أسير يسوع المسيح وتيموثاوس الأخ إلى فليمون المحبوب والعامل معنا، إلى أبفية المحبوبة، وأرخبس المتجنّد معنا وإلى الكنيسة التي في بيتك" (فليمون 1:1-2).

إذاً نلاحظ مما ورد في الإجابة، أن كلمة "كنيسة" كلمة سريانية تعني "مجمع" وأن كلمة كنيسة مشتقة عن الكلمة اليونانية "اكليزيا" وقد استعملت في العهد الجديد. بمعانٍ مختلفة ذكرت قبل قليل.

1 - بمعنى المكان الذي يجتمع فيه المؤمنون للعبادة.

2 - بمعنى جماعة المؤمنين - أي الكنيسة الجامعة جسد المسيح.

3 - بمعنى جماعة من المؤمنين في بلد معين أو مكان معين، مثل كنيسة أورشليم وكنيسة أنطاكية وكنيسة كولوسي وغيرها.

4 - بمعنى جماعات صغيرة تجتمع للعبادة في بيت أحد المؤمنين مثل الكنيسة التي في بيت إكيلا وبرسكلا وبيت فليمون.

بالإضافة إلى هذه الاستعمالات لكلمة كنيسة التي ذُكرت آنفاً، لا شك أن هناك استعمالات أخرى لكلمة كنيسة وردت في الكتاب المقدس، ولكن الاستعمالات الأربعة التي وردت في الإجابة هي أهمها. أما خارج النطاق المسيحي، فقد استُعملت كلمة كنيسة لتشير إلى بني إسرائيل عندما كانوا في البرية، كما نقرأ في سفر أعمال الرسل: "هذا هو الذي كان في الكنيسة في البرية مع الملاك الذي كان يكلّمه في جبل سيناء" (أعمال38:7). والمهم في الموضوع أن كلمة "كنيسة" في العهد الجديد من الكتاب المقدس، تشير غالباً اليوم إلى جماعة المؤمنين الذين يشكلون جسد المسيح.

البوم ( شوق قلبى ) للمرنمه العراقيه ( ريتا فوزى )

ترنيمه ( على اسمك تسمى كنسيتى ) لـ الشهيد العظيم مارمينا

ترنيمه
( على اسمك تسمى كنسيتى )
لـ
الشهيد العظيم مارمينا



على اسمك تتسمى كنيستى وأشوف صورتك يرتاح قلبى
بشفاعتك يتحقق طلبى مارمينا باحبك يا عجايبى

عظه ( الحروب الشيطانيه ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه

( الحروب الشيطانيه )

لـ
ابونا فليمون الانبا بيشوى




للتحميل

الحروب الشيطانيه الجزء الاول

http://www.mediafire.com/?zgndnnyokjm

الحروب الشيطانيه الجزء الثانى

http://www.mediafire.com/?yndztjktmfn

الحروب الشيطانيه الجزء الثالث

http://www.mediafire.com/?zw4tqjfnhqj#1


.

عظه ( العتاب الالهى ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه
( العتاب الالهى )
لـ
ابونا فليمون الانبا بيشوى



للتحميل

العتاب الالهى

http://www.mediafire.com/?m32d04e0bjq


.

عظه ( الشك ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه
( الشك )
لـ
ابونا فليمون الانبا بيشوى



للتحميل

الشك

http://www.mediafire.com/?umtjjzjtmww#1


.

عظه ( الروح القدس ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه
( الروح القدس )
لـ
ابونا فليمون الانبا بيشوى



للتحميل

الروح القدس

http://www.mediafire.com/?iy4gmhcmzwy#1




.

عظه ( الرحمه ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه

( الرحمه )

لـ
ابونا فليمون الانبا بيشوى



للتحميل

الرحمه

http://www.mediafire.com/?hy2tognt0oo


.

عظه ( الامانه ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه

( الامانه )

لـ
ابونا فليمون الانبا بيشوى



للتحميل

الامانه الجزء الاول

http://www.mediafire.com/?z3kymdmtnzx#1

الامانه الجزء الثانى

http://www.mediafire.com/?tzghwcnmgmz#1

...

.

عظه ( العطاء ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه
(
العطاء )
لـ
ابونا فليمون الانبا بيشوى



للتحميل

العطاء

http://www.mediafire.com/?kbzwzgczaez

.

عظه ( التوبه ) لـ ابونا فليمون الانبا بيشوى

عظه

( التوبه )

لـ
ابونا فليمون الانبا بيشوى



للتحميل

التوبه

http://www.mediafire.com/?o1zyqmhztky#1


.
للمزيد من مواضيعي

الاعتذار




كتير جدا كبريئا بيمنعنا انحنا بنعتذر وكتير بيتهيئلنا ان احنا مغلطناش
اى مشكله تحصل بين اى انسان واى انسان تانى كلنا عمرنا ما بنفكر كلنا
دايما بننظر للموضوع بمنظور تانى خالص بنبص لنفسنا
زى ما بيقولو كده كل واحد بيحكى عدله . كل واحد شايف انه مغلطش
لما بنعرف ان احنا غلطنا او كل الناس حولينا بتقول ان احنا غلطنا
بنأوح لاخر درجه ولو اعترفنا بالخطئ فى يوم من الايام بنبتدى نبرر
ونوصل لحجج علشان منعتذرش ولما نطر نعتذر يا بنعتذر واحنا
بنقطم الكلمه فى زورنا مش عايزنها تطلع يا نقول طيب خلاص حصل خير
طيب يعنى نعمل ايه هى ظروفها جت كده

-: مع الاسف معندناش ثقافه الاعتذار
-: الاعتراف بالخطئ شيئ من اهم ما يمكن من حيات الانسان

الانسان لما بيسجد امام ربنا بيقول يارب انا غلط سمحنى اغفرلى
لما ربنا بيشوفنا واحنا بنغلط فى غيرنا وبنعتذر وبنقول انا اخطئت او انا غلط فى حقك معلش سامحنى
دى بتبقى حلوه اوى ان الانسان تواضع ان الانسان كسر نفسه علشان غلط
بس كسر نفسه وكسر كرمته وحط رقابته ف الارض
معتقدش . معتقدش ان العتذار بيخالى الانسان قليل او ضعيف
طول ما انا بعتذر على خطئ انا عملته . وانا عامله . ومكنتش قاصد ان انا اعمله
عمرى ما اكون ضعيف .
انما لما بكون ضعيف فى وقت معين لما بعتذر عن خطئ انا عامله انا قصده
عايز اجرح. عايز ادبح . عايز اهين . وانا قاصد الحطئ ده
ولما اجى اعتذر بيبان
الاعتذار شئ مهم جدا فى حياتنا

ظهور نور شديد على الصليب فوق قوبه الكنيسه

لتحميل الفيديو للموبايل


http://www.mediafire.com/?jeo4mtmtf21

لتحميل الفيديو ميديا

http://www.mediafire.com/?v0wzmitk1ty



الصراحه
كتير جدا بنقول الصراحه راحه
فى بعض الاوقات بتبقى الصراحه جرح . تعب . الم . خوف .
كتير جدا مبتبقاش الصراحه راحه اوقات كتير جدا بنخاف منقول الحقيقه او نقول نص الحقيقه او منقولش الحقيقه خالص
وكتير جدا بيكون الطرف التانى ظالم او افتره اوعمل حاجه غلط ولما نيجى نوجهه مبنعرفش نوجهه
بنوجه الكلام بطريقه فيها توريه يعنى بنخبى الكلام ونزوقه ونلف وندور

هل الصراحه مطلوبه ؟ ولا مش مطلوبه ؟

ولو الصراحه مطلوبه نقولها كده وش فى وجه الانسان اللى قدمنا
ولا لما تيجى نتكلم معاه بصراحه تبقى الصراحه متزوقه
ولا فى طريفه نقدر نتكلم فيها بصراحه
ولا نقول من البدايه . بقولك ايه انا اتكلم معاك بصراحه ومتزعلش ونقول الكلام بدون وعى

ازاى نتصارح ؟
ازاى نبقى صرحه مع نفسنا قبل ما نبقى صرحه مع الغير لان عمرى ما هكون صريح مع غيرى الا لو كنت اساسا صريح مع نفس
لو مكنتش صريح مع نفسى هبقى بكدب على روحى ولما اكدب على روحى اكيد هفسر كل اللى قدامى غلط
اكيد مش هفهم . اكيد هيبقى كل تفكيرى رايح فى اتجاه غلط
وبالتالى لما اصارح اللى قدامى ياهبقى بتجن عليه ياهبقى ظلمه ياهبقى بكدب على روحى وبكدب عليه

الوحده



كتير جدا بيبقى عايشين فى وسط الناس وسط الزحمه وحاسين بالوحده
كتير جدا بتبقى حياتنا زحمه اوى شغل وتعب ومجهود وناس حولينا
ولكن جوانا وحده وقلوبنا حاسه بوحده ناس كتيره عايشه فى غربه وعايشه فى وحده
وناس كتيره عايشه جوه بلدها وجوه بيوتها وعايشه فى وحده
كتير منا بيبقى متجوز بيقى مرتبط بيبقى عايش قصه حب ولكن فى نفس الوقت بيبقى حاسس بالوحده
وكتير منا يبقى عايش فى وحده وهو مرتاح ومبسوط بالوحده دى .
وكتير اوى تلاقى الناس عايشه فى وسط الناس وتشوفه مبسوط وبيضحك وبيضحك الناس وفى منتهى السعاده وتحس ان الانسان ده اسعد انسان فى الدنيا
واول ما يسيب الناس ويقعد مع نفسه يرجع لوحدته ملامح وشه كلها بتتغير حياته كلها بتتغير وبدء تانى يعيش فى وحدته

ديما انانى


http://falmosheqah.jeeran.com/maagdr.jpg

مش قادر اتكلم ولا ارفع صلاتى
ولا حتى اقوله ارحمنى انا الخاطى
وقت محنتى اصلى واقوله اعينى يارب فى حياتى
يمدلى ايده وتعدى محنتى ارجع واتزلل لشهواتى
ليه ديما انا انانى
اطلب منه ولا ينسانى
يحن قلبه ويدينى يرجع قلبى يقسا من تانى
ليه ديما وقت ازماتى بتذيد وتكتر صلاتى
انسا ان هو وهبلى حياتى
نفسى ياربى اكون معاك
نفسى احس بالحظه رضاك
نفسى يارب تكون جوايا
زى ما انا عايش جواك

الهى الحبيب


الهى الحبيب
يامن اخترت لى الطريق ووعدتنى بالا تتركنى وحدى فى منتصفه ولاحتى فى اخره
وعدتنى انك ستكون معى امس واليوم وغدا
لاتدعنى وحدى
لاننى لااستطيع ان اعيش وحدى
لى الثقه والايمان بأنك تحبنى وتعتنى بى
لكن اجعلنى ارى ...اجعلنى امجد طيب اسمك فى حياتى
فى عطاياك وتدابيرك لحياتى
اننى اريد ان اقول
طيب هو الرب للذين يترجونه .....للنفس التى تطلبه
الهى الحبيب الطيب الحنين العظيم
لاتتركنى
سلمت لك حياتى وليس لى شئ اخر اسلمه
ليس لى ياربى
اثق انك ستسندنى فى ضعفى
فحينما اسلم لك حياتى انتظر حتى تستلمها منى وتزينها بالسلام والراحه والهدؤ
لااسلمها لك كى تعطيها ماتطلب من امور الدنيا
ولكن لكى تزينها بسلامك

ملاك كنيسة برغامس

ملاك كنيسة برغامس

" أنا عارف أعمالك وأين تسكن

حيث كرسى الشيطان وأنت متمسك باسمى"

( رؤ 2 : 13)


مقدمة

من المؤكد أن أقوى سيف فى يد المسيحى فى كل العصور والأجيال ، هو سيف الروح أى «كلمة اللّه» ، وهو السيف الذى غزت به المسيحية العالم ، وسيطرت على الأفكار والقلوب فى كل التاريخ ، ومن المؤسف أنها يوم طرحت هذا السيف ، واستبدلت به سيفاً آخر ، سقطت قروناً عديدة فى الظلام فى القرون الوسطى ، لقد حملت سيف العالم لمدة قرنين من الزمان ، وباءت بالفشل فى الخارج ، يوم ظنت أنها تخضع الممالك تحت ظلال الصليب بالمعارك والحروب ، وكان درساً تعساً لا ينسى،... ومن المؤسف أيضاً أنها عجزت عن أن تعى الدرس فى الداخل يوم ظنت أنها تستطيع مقاومة الإصلاح باستخدام القوة ضد المؤمنين بالكلمة الإلهية ، وسحقه بالبطش والطغيان ، ... وكان قميناً بها أن تعرف أن المسيح نهاها منذ يومها الأول عن الالتجاء إلى السلاح البشرى يوم قال لبطرس عندما جرد سيفه للدفاع عنه يوم الصليب : رد سيفك إلى مكانه لأن كل الدين يأخذون السيف بالسيف يهلكون » ( مت 26 : 52 ) . إن سلاحها الوحيد الدائم الذى يجب أن تحارب به ، هو الكتاب المقدس ، كلمة اللّه الحية الفعالة والأمضى من كل سيف ذو حدين ، وهو ما يقوله هنا المسيح لملاك كنيسة برغامس إذ رام أن ينتصر فى الداخل وفى الخارج على حد سواء : « وأحاربهم بسيف فمى » ( رؤ 2 : 16 ) . وكم يكون من المفيد جداً أن نتأمل قصة ملاك كنيسة برغامس التى تذكرنا بهذه الحقيقة الحيوية المؤكدة ، ومن ثم نرجو أن نتأمل القصة من النواحى التالية :



ملاك كنيسة برغامس وكرسى الشيطان

كان من حظ ملاك كنيسة برغامس وحظ الكنيسة هناك أن الشيطان لم يؤسس مجمعاً له كما فى سميرنا : « مجمع الشيطان » بل وطد أركانه أكثر من ذلك إذ جعل له قلعة أو عرشاً فيما أطلق عليه « كرسى الشيطان » والشيطان فى كل مكان وزمان ، وسواء فى حياة الأفراد أو البيوت أو المجتمعات أو الممالك ، لا يقف فى الغزو عند حدود ، بل هو دائم التغلغل يبنى قلاعه ويثبت كرسيه ، ويدعم عرشه ، دون أن يترك شبراً فى الأرض لا يسيطر عليه . إنه عندما يسكن نفساً لا يكتفى بأن يسكن بمفرده ، بل يأتى فى العادة بسبعة أرواح ، أخر أشر ، لتدخل أنفس الإنسان ، لتكون أخرته أشر بما لا يقاس من أوائله . ولعلنا نستطيع أن نفهم ذلك إذا ذكرنا أن برغامس كانت تقع على بعد خمسين ميلا إلى الشمال من ساردس ، وقد كانت يوماً عاصمة آسيا الصغرى ، وقد بنيت المدينة الأصلية على رأس تل عال يرتفع عن البحر بأكثر من ألف قدم، بينما المدينة الحالية مبنية تحت سفح التل ، وقد اشتهرت المدينة بمكتبتها التى كانت تلى مكتبة الإسكندرية فى الأهمية وإن كان مارك أنطونيو قد نقل أغلب كتبها ومجلداتها إلى الإسكندرية إرضاءً لكليوباترة ، والمدينة لم تكن تزاحم أفسس أو ساردس فى التجارة ولكنها زاحمت وتفوقت ، بسبب مكتبتها ، فى المعرفة والعلم ، وكان بها جامعة للدراسة ... والكلمة « رقوق » مأخوذة فى الأصل من اسمها ، .. وإن كان البعض يقول إن هذا الاسم يعنى قلعة ، واسم المدينة الحالية « برغامة » ، ... وقد امتلأت المدينة بكافة أنواع المعابد الوثنية ، ويزعمون أن جوبيتر ولد هناك ، ومن بين معابدها المشهورة معبد اسكولابيوس إله الشفاء ، وكانت بداخله حية تعبد ويقدم لها الطعام ، وقد بنى بها معبد عظيم فخم تكريماً للامبراطور أغسطس قيصر عام 30 ق.م. ، وكانت عبادة الامبراطور تمارس هناك أمام تمثال ضخم له ، فإذا رفض مسيحى هذه العبادة كان مصيره الموت حرقاً ، أو إرساله إلى روما ليلقى فريسة للوحوش ، ولعل هذا كله يعيننا على فهم معنى القول : « حيث كرسى الشيطان » ... وإذا كانت برغامس القديمة قد ذهبت وولت ، ولم يبق فى مكانها القديم سوى الأطلال للدراسة ، وبنيت مدينة أخرى أصغر على سفح الجبل ... إلا أن برغامس تظهر وتتكرر فى كل العصور حيث لا يرضى الشيطان أن يبقى فى مكان ما زائراً أو جائلا أو ضيفاً لفترة قصيرة ، بل يريد أن يستقر وأن يوطد كرسيه هناك ، .. وكم للشيطان من كراسى فى العديد من أوسع المدن وأكبرها فى عالم اليوم !! .. فهناك مثلا « كرسى السلطة » حيث يمتلك الزمان فى المدينة ويتولى السلطة فيها أناس امتلأت نفوسهم بكراهية السيد المسيح ، ومقاومة المسيحية ، وحيث تعتبر العبادة جريمة يعاقب عليها القانون ، وحيث تهدم الكنائس ، أو يمنع بناؤها أو تتعرض لألوان من الاضطهادات المرة القاسية ، وحيث يقف الدين عقبة فى سبيل الوظيفة ، أو ما إلى ذلك من الألوان المختلفة من الاضطهادات كما يجرى الآن فى البلدان الشيوعية .

وهناك أيضاً « كرسى الخرافة » إذ كان أهل برغامس يتعبدون لإله الشفاء اسكولابيوس ، ويقدمون الطعام للحية الرابضة فى معبده ، وكانوا يتلون الأدعية لكى تشفيهم الحية ، ... وهل هذه إلا صورة الحية القديمة وقد عادت مرة أخرى بالخرافة والحماقة والجهل ، ليأخذ الشيطان كرسيه ويثبت عرشه ويحصن قلعته فى برغامس ، .. وما أكثر ما يفعل الشيطان هكذا فى كل مكان وزمان ، .. عندما ذهب بوتيفاس رجل اللّه المسيحى ليعمل بين قبائل السكون فى القرن السابع الميلادى ، وجد هذه القبائل ، وقد سيطرت عليها الخرافات من كل جانب ، وفى أحد الأماكن رأى الناس يعبدون شجرة ضخمة من أشجار البلوط كانوا يطلقون عليها : « بلوطة الرعد » وقد قدسوها لأحد آلهتهم ، واستدعى بونيفاس الناس ، وهو يقول لهم إنه سيحطم هذه البلوطة أمام عيونهم ، فبدت على القوم علائم الغضب والقلق والخوف ، ولكن بونيفاس الطويل القامة القوى البنية تقدم بفأس فى يده وطفق يكيل لها الضربات ، وكانت جوفاء من الداخل ، فلم تثبت طويلا حتى انكفأت وسقطت . ولما رآها القوم طريحة دون أن يمسهم أو يمسه ضرر أدركوا أنهم عاشوا أسرى الخرافة والجهل حيناً طويلا من الزمان !! .. وفى الحقيقة يوم تجد الخرافة تحكم شعباً أو أمة أو جماعة من الناس فاعلم أن الشيطان قد دعم كرسيه بينهم وثبت قلعته وسلطانه .. ولا يجدى مع هذا القول إن المدينة كانت بها جامعة ، وكانت بها أعظم مكتبة بعد مكتبة الإسكندرية ، فقد كانت بلاد اليونان كلها بلاد الفلسفة والمعرفة والعلم ، ومع ذلك كانت الخرافات تملؤها من كل جانب ، ويكفى أن تقرأ قصص الإغريق وآلهتهم وعلاقة هذه الآلهة بالناس ، وعلاقة الناس بها ، وأنت تجد نفسك إزاء سيل لا ينتهى من الحماقة والخرافة والجهل، ومن ثم لم يكن غريباً أن تمتلئ أثينا نفسها بلد الحكمة ، بالأصنام التى جعلت بولس تحتد روحه وتمتلئ حزناً على الظلمة التى يضرب فيها الإنسان بعيداً عن اللّه ، .. فإذا أضفنا إلى هذا «كرسى المجون» والشهوات العارمة والدنس والفجور الذى وجد بالمدينة ، حيث كانت عبادة أفروديت آلهة الجمال جنباً إلى جنب مع عبادة اسكولابيوس إله الشفاء ، وقد استطاع الشيطان أن يقدس « الرذيلة » إذ كان من ضرورات هذه العبادة أن تخصص أعداد كبيرة من النساء ، ذواتهن للفجور باسم الجمال وإرضاءً للآلهة ، ومن القديم صاح إشعياء : « ويل للقائلين للشر خيراً وللخير شراً الجاعلين الظلام نوراً والنور ظلاماً الجاعلين المر حلواً والحلو مراً» (إش 5 : 20).. لقد ذبحت الفضيلة هناك وانتشرت الرذيلة ، وهى إلى اليوم تُذبح فى أرقى دول العالم تحضراً ومدنية ، باسم الحرية والجمال والرقى الإنسانى ، .. وقد وصف الرسول بولس هذه الحقيقة فى مطلع رسالة رومية على أدق صورة أمام الفكر الإنسانى : « لأنهم لما عرفوا اللّه لم يمجدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا فى أفكارهم وأظلم قلبهم الغبى ، وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء وأبدلوا مجد اللّه الذى لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذى يفنى والطيور والدواب والزحافات . لذلك أسلمهم اللّه أيضاً فى شهوات قلوبهم إلى النجاسة لإهانة أجسادهم بين ذواتهم . الذين استبدلوا حق اللّه بالكذب واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق الذى هو مبارك إلى الأبد آمين . لذلك أسلمهم اللّه إلى أهواء الهوان ، وكما لم يستحسنوا أن يبقوا اللّه فى معرفتهم أسلمهم اللّه إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق مملوئين من كل إثم وزنا وشر وطمع وخبث مشحونين حسداً وقتلاً وخصاماً ومكراً وسوءاً نمامين مفترين مبغضين للّه ثالبين متعظمين مدعين مبتدعين شروراً غير طائعين للوالدين ، بلا فهم ولا عهد ولا حنو ولا رضى ولا رحمة الذين إذ عرفوا حكم اللّه أن الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت ، لا يفعلونها فقط بل أيضاً يسرون بالذين يعملون » ( رو 1 : 21 - 32 ) .. وفى مثل هذه الصور من الحياة يبنى الشيطان قلعته ويدعم كرسيه ويثبته !! ..



ملاك كنيسة برغامس والتسلل الداخلى

من الواضح أن ملاك كنيسة برغامس ثبت على نحو رائع ضد التجارب الخارجية الآتية إليه من المدينة التى يسكن فيها حيث كرسى الشيطان ، وقد ظهر هذا الثبات واضحاً فى موقف أنتيباس الشهيد الذى رضى الموت على الخضوع للتجربة ، .. والمسيح يرقب الأخبار والأشرار، بكل تدقيق ، فى الأرض ، وتمتلئ عواطفه بالحب أو بالبغض حسبما يكون التصرف قريباً من قلبه أو مكروهاً أمام عينيه ، ليس هناك عمل صغر أو كبر يختفى عن عينيه ، وما أجمل أن يقول المسيح عن أنتيباس : « شهيدى الأمين » ... وشتان بين وصف قاتلى أنتيباس ، والتهم التى أدانوه بها ، ووصف المسيح له ، وشتان بين أقوال الأرض الكاذبة الآثمة الضالة المضللة ، وبين أقوال السيد الحلوة الرقيقة الصادقة المادحة، على أية حال لم ينجح الشيطان في هجومه العنيف في الاضطهاد الخارجي، فإذا به يتحول إلى الداخل عن طريق التسلل بالإغراء كعادته إن لم يفلح التهديد.. ويأتى الهجوم بالتعليم المغرى الكاذب ، عن طريق تعليم « بلعام » أو تعليم « النقولاويين » ... ولقد سبق لنا فى دراسة شخصية بلعام أن تحدثنا كثيراً عن خبثه الذى استطاع به أن يسقط إسرائيل ، ويفوز فى الوقت نفسه بعطايا بالاق ، .. ويبدو أن اتباع بلعام يدخلون الكنيسة ، بحثاً عن المغنم المادى أو النفوذ الشخصى ، ولو كان فى ذلك تدمير الحق ، وقتل الصدق والأمانة والبراءة ، وهم دائماً يمزجون السم بالدسم ، وليس من السهل أن تكتشف خداعهم إذ هم مثل الثعلب الذى طارده الصيادون فأسرع إلى كوخ فلاح ، وطلب منه أن يأويه ، فأدخله الفلاح إلى ما وراء الباب ، وجاء الصيادون وسألوا الفلاح : هل مر به ثعلب ، فأجاب : كلا ، وهو يشير بإصبعه إلى ما وراء الباب ، ولم ينتبهوا إلى إشارته ، وساروا بعيداً ، وخرج الثعلب دون أن يظهر عليه ما ينم عن حالة الرضى ، فقال الفلاح : ألا تشكرنى على ما فعلت معك ، .. وأجاب الثعلب : كان يمكن أن أشكر لولا إيماءة إصبعك التى كادت أن تكون سبب هلاكى ، .. هكذا فعل بلعام ، إذ أنه بين لبالاق بن صفور أن هذا الشعب لا يمكن أن يهزم ، لأنه شعب قد باركه الرب ، وهو لا يهزم إلا إذا أخطأ ، وهكذا فتح بأسلوبه الجهنمى الطريق أمام بالاق ، فلا مانع من أن يختلط الشعب ببنات موآب فى ولائم حلوة صاخبة ، يقدمن لآلهتهن الذبائح ، ولا مانع من أن تكون هناك الولائم الحافلة والرقص واللعب أمام شعب متعب يعيش على المن فى الصحراء .. ووجد داخل كنيسة برغامس من ينادى بأن الاختلاط بالوثنيين لا شر فيه أو جزء منه ولا مانع من الأكل فى ولائمهم ، فالطعام فى حد ذاته لا يضير ، ولا مانع من حضور هذه الولائم والاستمتاع بشهى الطعام فيها ، وقد وجد أيضاً النقولاويون الذين تحدثنا عنهم عند الحديث عن كنيسة أفسس ، والذين ينادون بأن الحرية المسيحية لا يجوز تعطيلها أو تقييدها بأى قيد اجتماعى أو أدبى ، وهى أعلى ما حصل عليه الإنسان فى المسيح ، ... وهنا الخطر الداهم الكامن ، أو الثقب الذى حدث فى السفينة ، فأخذ الماء يتدفق إلى داخلها ، ليغرقها تماماً ، أو هنا الشيطان يتحول من المدينة إلى الكنيسة نفسها ، ويستقر بكرسيه داخلها ، وتستطيع أن تدرك هذا من قول المسيح لملاك الكنيسة : « فتب وإلا فإنى آتيك سريعاً وأحاربهم بسيف فمى » ( رؤ 2 : 16 ) لعله من الطريف أن نشير إلى أقوال يوحنا نيوتن وجيمس دور هام ومس روستى وهم يتحدثون عن كرسى الشيطان فى قلب ملاك كنيسة برغامس ، وقلوبهم هم ، وكل قلب لا يتنبه أو يتحفظ من تسلل الخطية إلى أعماقه ومشاعره ، ويقول دور هام إن الشيطان روح ، وهو لا يسكن فى هياكل مصنوعة بأيدى الناس سواء فى برغامس أو أدنبره ، ولكنه يسكن فى أرواح الناس ، وعلى وجه الخصوص فى أرواح خدام الدين ، ... وهو يهتم أكثر بخدام الدين للدور الذى يمكن أن يلعبوه فى الحياة الدينية ، وهو هنا أشبه بملك أرام وهو يقول لرؤساء المركبات التى له الاثنين والثلاثين «لا تحاربوا صغيراً ولا كبيراً إلا ملك بإسرائيل وحده» (1 مل 22 : 31) أجل !! هذا هو الواقع لأنه إذا نجح الشيطان فى إسقاط القائد فمن السهل أن يسقط الجيش بأكمله، .. وإذا نجح فى اقتناص الراعى فمن السهل أن يصل به ومعه إلى الكثيرين فى الكنيسة نفسها، .. وقد عد يوحنا نيوتن نفسه سعيداً لبعده عن لندن التى كانت فى تصوره أشبه بمدينة برغامس وفى ذلك يقول : إن لندن مدينة الشراك الخطرة ، وأحسب نفسى سعيداً أن يقع نصيبى بعيداً عنها . إن لندن تظهر لى مثل البحر الملئ بالزوابع التى تحطم سفناً كثيرة ، فالمنازعات السياسية ، والزوابع العقائدية ، وفضائح المعلمين الكذبة ، والتحزبات مع أو ضد الكثيرين من الخدام ، والملاهى وما أشبه تكاد تقنعنى بأن الإنسان فى لندن فى حاجة إلى نعمة تختلف عن النعمة التى يحتاجها الساكنون فى الريف ، .. وأقصد أن النعمة فى لندن ينبغى أن تكون على درجة متقدمة جداً ، فالقلة المختارة المحفوظة من اللّه ببساطة قلبها وروحانية حياتها ، يبدو أنها من أفضل الطبقات المسيحية فى هذه البلاد ، وليس معنى ذلك أننا خارجها بدون تجارب ، فشر قلوبنا وأحابيل الشيطان تلزمنا بأقصى الجهد من الحذر ، ونفسى محفوظة فى الحقيقة بمعجزة إلهية ، إذ أن الشيطان يبذل كل شئ لإسقاطى ، .. غير أنى فى لندن فى زحام التجارب المحيطة بى ، ولكنى فى الريف هناك زحام التجارب فى داخلى ، .. وأين أستطيع أن أجد استجمامى وراحتى، وفى كل مكان هناك فرق شيطانية رابضة ؟! ... ومن ثم فإننا فى حاجة مع الكسندر هوايت إلى أن نذكر كل عضو فى الكنيسة ، بضرورة الصلاة من أجل خدام اللّه ، لئلا يستقر الشيطان فى أفكارهم وقلوبهم وينقل كرسيه أيضاً إلى داخل الكنيسة ، ويستقر هناك !! .. وعندما يقول السيد لملاك كنيسة برغامس : « تب » .. فإننا ندرك أن هناك خطية ، وخطية محزنة قاسية ، ومن الواجب مكافحتها ، ... والمكافحة هنا بشئ واحد « أحاربهم بسيف فمى » ... وهو كلام يبدو غريباً ، أو تهديداً للملاك نفسه ، الذى قصر فى محاربتهم بالوعظ والإرشاد والتعليم ، وإذ لا يقوم المنبر بما يجب عليه ، فإن اللّه سيرسل غيره ليتولى المهمة بدلا منه ، ويأتى المسيح فى آخرين ليحاربهم بسيف فمه !! .. وهنا يؤكد المسيح أن الحرب الحقيقية والصحيحة لا يمكن أن تكون على الإطلاق بسلاح بشرى بل بسلاح الكلمة الإلهى ، ... والتاريخ على الدوام يشهد بأن كلمة اللّه لا يمكن أن ترجع فارغة !! .. بعد أن عاد مارتن لوثر من مؤتمر ورمس ، قبع فى قصر ورتبرج ، وكان هناك شبه سجين ، إذ اختفى ، أنه مات ، ولكنه أجاب على هذا التصور بالقول : إنهم يفكرون فى موتى ويقولون إن مارتن لوثر قد صمت صوته إلى الأبد ، ويسرون إذ يتصورون أن كل ما فعلت قد انتهى إلى لا شئ ، ولكنهم سيستيقظون ذات صباح جميل ليروا أن الشيطان قد هزم ... أنا لست هنا فى خمول أو كسل بل هناك يبدأ عملى الحقيقى !! .. ما هو السلاح الذى نحارب به ؟ إنه سيف الرب الذى بطش بأعدائى ، ... وخلال مدة بقائى هنا سأتعامل معه بقوة أعظم إذ سأترجم إلى لغة الشعب ما كتبه البشيرون ، ليقرأ الشعب الإنجيل !! .. آه هل يعلم خدام اللّه أنه حيث يثبت الشيطان كرسيه فى الأرض ، فإنه ليس هناك من قوة تدمر هذا الكرسى سوى كلمة اللّه الحية الفعالة التى هى أمضى من كل سيف ذى حدين !! ..



ملاك كنيسة برغامس وسر الحياة

وهناك نأتى إلى وعد المسيح المرسل إلى هذا الملاك فى حالة فوزه وانتصاره ، وإذا كان الوعد لملاك كنيسة أفسس بطعام الحياة ، ولملاك كنيسة سميرنا بإكليل الحياة ، فإن الوعد لملاك كنيسة برغامس يمكن أن يكشف عن سر الحياة : « من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المن المخفى وأعطيه حصاة بيضاء وعلى الحصاة اسم جديد مكتوب لا يعرفه أحد غير الذى يأخذ » (رؤ 2 : 17 ) وهنا نحن أمام الحياة المستترة مع المسيح ، وما تصل إليه لا من مجرد طعام الحياة ، أو تاج الحياة ، بل أكثر من ذلك سر الحياة نفسها ، « وسر الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم » ( مز 25 : 14 ) ، وهذا السر يكمن فى طعام السماء ، فإذا كانت العبادة فى برغامس تمتلئ بالموائد الحافلة المقدمة للآلهة ويأكل منها الوثنيون العابدون ، ومع ذلك لا يشبعون ، وإذا كان المؤمنون فى المدينة ، وهم محاطون بالتجارب والمتاعب والحياة الشبيهة بحياة الصحراء القاسية ، فإن اللّه يرسل لهم على وجه عجيب ومجيد طعام السماء الخفى السرى ، فيشبعون على نحو معجزى رائع .. كان بين طلبة إحدى الكليات طالب شاب ممتاز يسير على عكازين ، وكان محبوباً من الجميع ، وابتسامة السماء دائماً على وجهه ، وقد نال مراتب شرف دراسية كثيرة كما نال تقدير واحترام رفاقه فى الدراسة. وقد سأله فى أحد الأيام ، زميل عن سبب عجز ساقيه فأجاب : إنه شلل الأطفال . وقال الصديق ، وكيف استطعت إذاً أن تسير فى الحياة قدماً مع هذا الداء الوبيل ، فأجابه باسماً : إن المرض لم يستطع أن يلمس القلب !! .. فإذا كان المؤمن يستطيع فى أقسى الأجواء أن يعيش منتصراً سعيداً لأن قلبه مع اللّه ، فكم بالأحرى عندما تفيض عليه بركات الحياة الناجحة !! .. إن العالم يدهش لما يراه فى حياة المؤمنين من قوة ، وهو أعجز من أن يدرك السر ، لأنه يحكم دائماً على أساس المنظور ، ولا يستطيع أن يرى المسيح خبز الحياة وسر الحياة لكل واحد منا !! .. والمسيح لا يعطى المن الخفى فحسب ، بل يعطى الحصاة البيضاء أيضاً ، أو بعبارة أخرى ، يعطى حظ الحياة ونصيب الحياة لكل واحد منا ، والحظ لا يخضع فى فهم الناس لقواعد حسابية معروفة ، بل هو سر خفى ، وكان عند الرومان يأخذ الحصاة البيضاء واحد من اثنين : إما البرئ فى المحكمة أو الفائز فى الألعاب ، إذ كان القضاة يقترعون بالحصاة البيضاء ويلقونها عند الحكم بالبراءة ، .. كما كانوا يعطون الحصاة البيضاء للفائزين فى الألعاب الأولمبية ، وفى الحالين كان اسم الفائز يكتب عليها ، .. وأراد المسيح أن يؤكد سر الحياة ، وهو يعطى الفائزين أمامه ، حتى ولو حكم عليهم الطغاة وأسلموهم للاستشهاد، هذه الحصاة البيضاء التى حرموا منها ظلماً وعدواناً !! .. والسيد يؤكد هنا أنه إن فاتتهم عدالة الأرض ، فإن عدالة السماء لا يمكن أن تضيع جزاءهم !! وقد أضاف المسيح أيضاً بأنه سيعطى المؤمن الفائز اسماً جديداً لا يعرفه إلا من يأخذه ، .. والاسم فى العادة يشير إلى شخصية الإنسان وطبيعته، .. والمسيح يطوى شخصياتنا القديمة ، وتاريخها القديم ، ويعطينا الخليقة الجديدة ، والحياة الجديدة ويعمل فيها بسره العجيب المغير ، ومهما يعرف الناس عنا أو مهما يكتشفوا فينا، فإنهم لا يستطيعون البتة أن يدركوا الطريقة التى أعاد المسيح فيها بناء الوعاء من جديد ، أو مدى ما يمكن أن يضع فيه ، فى العالم الحاضر أو الأبدى ، من بركات وخيرات وأمجاد وعظائم، .. سيبقى هذا سر النعمة الأبدى المغلق الذى لا يفهمه على الوجه الكامل والمجيد والعظيم سوى صاحبه !! .. أيها المؤمن هل تعلم أن الأبدية كلها ستتمخض عن سر الحياة الهائل الذى يربطنا بالمسيح ، ولن تتعلمه بالتمام هنا ، لكنك ستراه وتعيشه على الوجه العجيب هناك؟!!..

ملاك كنيسة ثياتيرا .. شخصيات الكتاب المقدس

ملاك كنيسة ثياتيرا
" وأن أعمالك الأخيرة أكثر من الأولى لكن عندى عليك .. "
(رؤ 2 : 19 ، 20)



مقدمة
لعله من المناسب أن نشير إلى أن الواعظ الكتابى المشهور ألكسندر مكلارن وهو يتحدث عن الكنائس السبع ، ووعد المسيح للمنتصرين فيها ، أطلق على المنتصر الأول فى أفسس بأنه الحائز على « طعام الحياة » وهو الوعد المبارك من السيد بالأكل من شجرة الحياة ، .. والثانى الحائز على « إكليل الحياة » .. « كن أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة » !! .. وهو الوعد لملاك كنيسة سميرنا ، .. والثالث الحائز على « سر الحياة » وهو المقدم لملاك كنيسة برغامس ، والرابع الحائز على « قوة الحياة » وهو الوعد الموضوع أمام ملاك كنيسة ثياتيرا ، والخامس الحائز على ثوب الحياة ، وهو الموعود به لكنيسة ساردس ، والسادس المقدم لملاك كنيسة فيلادلفيا ، وهو المبارك الذى مع ملاك كنيسة سميرنا لم يوجه المسيح لهما لوما ، .. وقد منحه السيد «أسماء الحياة» بعمق مفهومها ومضمونها ومعناها ، .. والأخير السابع للملاك الفاتر ملاك كنيسة لاودكية ، بسيادة المنتصر فى الحياة ، فيما لو تاب وتحرر من فتوره وضعفه وهزال حياته الروحية ، ... وفى كل هذه الصور جميعاً نرى المسيح مصدر الحياة ونبعها وقوتها وجلالها ومجدها من كل الوجوه ، وسنراه هنا يشجع ملاك كنيسة ثياتيرا بالقوة التى يحتاج إليها فى الحياة ، .. ومن ثم يحسن أن نتابع قصة هذا الملاك فيما يلى :
ملاك كنيسة ثياتيرا والنمو الروحى
تقع مدينة ثياتيرا بين برغامس وساردس ، واسم المدينة فى الوقت الحالى « أخيسار » ، وكان معبودها الأعظم هو أبولو إله الشمس ، وقد اشتهرت المدينة بتجارة المنسوجات والنحاس ، ولا ننسى أن ليديا بياعة الأرجوان التى التقى بها بولس فى فيلبى كانت أصلا من هذه المدينة ، وربما كانت هى أو غيرها السبب فى دخول المسيحية إلى ثياتيرا ، .. والذى يهمنا ملاحظته ، أن السيد وهو يتحدث إلى ملاك الكنيسة فيها ، وهو الرقيب الذى عيناه كلهيب نار ، سجل له شيئاً جميلا جداً ، من المؤكد أنه سر به كل السرور وهو أن أعماله الأخيرة أكثر من الأولى ، ولعل هذه توقفنا أمام عدة حقائق مجيدة وأساسية . أولا : إن اللّه إله عليم وتوزن به الأعمال كما قالت حنة قديماً : « لأن الرب إله عليم وبه توزن الأعمال » ( 1 صم 2 : 3 ) .. وهو يراقب قصة حياتنا ، ولا يمكن أن تخفى عن عينيه خافية ، ولكل منا رصيده فى بنك السماء ، ... كتبت إحدى المرسلات فى نيجيريا مقالاً روت فيه القصة الآتية : حدث فى إحدى الليالى أننا كنا نعظ فى قرية، وقال زوجى فى خطابه إن اللّه لا ينعس ، وبدا زعيم القبيلة الذى كان حاضراً يتململ فى مكانه ، وقد ظهر عليه الارتباط ، ولاحظنا أن شفتيه تتحركان ، وكنا فى وقت عصيب ، لم يكن هناك أمن على حياتنا ، ولذلك لم يكن من المطمئن كثيراً أن نرى زعيم القبيلة يبدو غير مستريح، والرجل الأبيض يتكلم ، فلما انتهى زوجى من خطابه سأل الزعيم إن كان عنده ما يريد أن يقوله ، فسأل هل حقيقة أن اللّه لا ينعس ولا ينام وأكد له زوجى ذلك ، فأخذ يكرر يخشوع ووقار: اللّه لا ينعس ولا ينام .. وقد أثر فيه أعمق تأثير لأن إلهه القديم الذى كان يؤمن به كان يتصوره كائناً لا يهتم به !! . كان الصينيون يؤمنون بأن الكائن الأعلى لا يهتم بالناس ، غير أن الإيمان المسيحى يؤكد العكس ، وقد قال بنيامين فرانكلين فى المؤتمر الذى عُقد فى عام 1787 لوضع الدستور الأمريكى : كلما تقدمت فى الأيام ، كلما رأيت بأكثر البراهين إقناعاً لى ، أن للّه سلطاناً فى مملكة الناس. وإذا كان العصفور لا يسقط إلا بإذنه ، فهل يمكن أن تقوم مملكة أو تسقط بغير أمره، لقد حقق لنا الكتاب المقدس أنه إن لم يبن الرب البيت فباطلاً يتعب البناؤون ، وأنا أؤمن بذلك تماماً ، أنه بدون مساعدة اللّه لا يمكن أن نتقدم فى هذا البناء السياسى بأحسن مما تقدم بناة برج بابل !! .. أراد والد أن يعلم ابنه عن حقيقة وجود اللّه فى الحياة فرسم اسم ابنه فى حديقة ووضعه فى شكل قلب ، وملأ الفراغ ببذار زهر زرعه فلما أفرخت البذار قرأ الولد اسمه فى الزهر واندهش ، وأظهر أبوه فى أول الأمر أن الاسم ظهر تلقائياً وبمجرد الصدفة ، وأنكر الولد ذلك بشدة قائلا لابد أن يداً رسمته ، وعندئذ قاد الأب الغلام ، إلى الإيمان باللّه الذى رسم كل شئ بجلال ومجد فى الطبيعة !! كانت ابنة صغيرة وأخوها يحملان سلة مملوءة بالكعك ليذهبا به إلى جدتهما ، ودفعهما الفضول ليعرفا ماذا يوجد داخل السلة فرفعا الغطاء ونظرا ، .. وعندما لمحت عيونهما الشرهة الكعك المغرى تحلب منهما الريق . وبعد أن عدا الكعك جملة مرات كادا يتفقان على أن يأكلا كعكة واحدة فقط ، ولا أحد يدرى . وسيكون طعمها شهياً ولا شك، وفيما هما يتطلعان إلى الكعك ، وقد أوشكا أن يتناولا واحدة ، نظرت الصغيرة إلى وجه أخيها وسألته : ألا يستطيع اللّه أن يعد !! ؟ وكان السؤال كافياً لأن ينهى التجربة ، وأرجعا الغطاء ، وحملا الكعك كله إلى الجدة !! ..
على أن الحقيقة الثانية هى أن اللّه لا يرى مجرد الأعمال ، بل يرى الأعمال تعبيراً عن الحب - فهو لا يستطيع أن يفصل الخدمة عن الحب ، ولا يستطيع أن يفصل الحب عن الخدمة ، وهكذا كانت خدمة كنيسة ثياتيرا مرتبطة بالمحبة .
على أن الحب والخدمة لم يكونا مجرد مشاعر إنسانية ، بل كانا ينبعان عن الإيمان العميق الصابر على التجربة والمحنة ، مهما قست الظروف واستدت الأحوال ! .. مات أبوان فى يوم واحد وتركا ولدين صغيرين لا قريب لهما ولا صديق يعتنى بهما فى تلك البلدة، فذهبا إلى خالهما فى لفربول لعله يضمهما إليه ، فباتا أول ليلة فى فندق لقيا من صاحبه كل لطف وعطف ومؤانسة، ولما نظر الرجل حرص أكبرهما على كتابه المقدس واهتمامه به أراد أن يعرف مدى تمسكه به ، فسأله أن يبيعه له قائلاً: إنى أراك فى حاجة إلى دراهم ، وأنا مستعد أن أعطيك بضع شلنات فيه، .. فقال الولد : لن أبيعه ولو هلكت جوعاً لأنى وجدت فيه مخلصى الحبيب وهو سراج لرجلى وتعزية فى ضيقاتى ، فقال الرجل : أعطيك جنيهاً ثمناً له ، فأجاب : إن كتابى مرشدى إلى إلهى وقوت نفسى الجائعة ، فكيف أحرم نفسى من طعامها الأبدى ، وآخذ بدلاً منه طعاماً لجسدى الفانى ، فقال الرجل : وماذا تفعل لأخيك إن لم يقبلكما خالكما فى البيت . أجاب : إن الكتاب يعلمنى كيف أتصرف إذ يقول : « إن أبى وأمى قد تركانى والرب يضمنى » .. فتعجب الرجل من إيمان الصغير فى مواجهة الحياة !! .
كان ملاك كنيسة ثياتيرا مغبوطاً لأن أعماله الأخيرة كانت أكثر من الأولى ، والرجل سعيد جداً لأن العكس لم يحدث ، وما أكثر الذين يبدأون حسناً ، لينتهوا أسوأ نهاية ، ويبدأون فى غيرة وحماس ونشاط لينتهوا فى ضعف وجمود وضياع عندما يفقدون محبتهم الأولى ، .. ولكن ملاك ثياتيرا يعلم أن الخدمة الناجحة لا تأخذ الربح البسيط فحسب ، بل الربح المركب ، أى إن الأرباح تضاف إلى الأصل لينمو المكسب مضاعفاً ، ولا شك فى أن أعماله الأولى وقد انتصبت الواحدة إلى جوار الأخرى ، كانت أشبه بالبنيان الذى عندما نضع فيه حجراً على حجر ، فإن الحجر الأول يحمل الثانى ، ويتضخم البناء ويقوى ويرتفع ، وحبة الحنطة وهى تقع فى الأرض ستثمر حبات عديدة ، تتحول بدورها سبباً للاثمار الأعظم والأجمل !! .. كان ملاك كنيسة ثياتيرا سعيداً بالنجاح الظاهر المتزايد فى خدمته يوماً بعد آخر!! ..
ملاك كنيسة ثياتيرا والزانية المسيبة
ورغم هذا النمو العظيم والتقدم الظاهر ، فإن الرجل كان يواجه خطراً داهماً رهيباً ، إذا لم يحزم الأمر تجاهه ، فإنه سيتحول إعصاراً يبدد كل جهده وعمله ، أو بحراً طامياً يجرفه فى طريقه مع الجميع ، .. وقد جاء هذا الخطر من أمرأة فى الكنيسة ، يصفها السيد «المرأة إيزابل».. ومن الغريب أن بعض الترجمات تترجمها «زوجتك ايزابل» .. ومن الغريب أن بعض الترجمات تترجمها «زوجتك ايزابل» وقد أخذ بعض الشراح والمفسرين بهذا التفسير حتى إن ألكسندر هوايت شبه ملاك كنيسة ثياتيرا فى العهد الجديد ، يهوشع النبى فى العهد القديم ، فكما كانت جومر بنت ديلايم تجربة هوشع ومأساته ، فإن إيزابل الجديدة كانت تجربة ملاك كنيسة ثياترا ، واستمر هوايت يتحدث عن نكبة الرجل القاسية ، والمرارة التى كانت تملأ حياته ، والتى ربما جعلته دائماً راكعاً على قدميه ، مكسور القلب أمام اللّه والناس ، ونحن لا نستطيع أن نذهب مذهب هوايت فى الأمر ، أو نتمشى معه فيه رغم براعة قلمه وتصويره ، .. ولا نعتقد أن المرأة كانت اسمها إيزابل حقيقة ، بل هى واحدة من اللواتى تسللن إلى الكنيسة ، وأصبح لها نفوذها وسيطرتها على نحو رهيب ، ويبدو أنها كانت من القوة بحيث أن الراعى عجز عن اتخاذ موقف حاسم تجاهها ، وتركها مسيبة تعيث فى الكنيسة فساداً دون أن تجد من يردعها أو يقف فى سبيلها ، ... وهنا لابد من وقفة متأنية بعض الشئ للسؤال كيف وصلت المرأة إلى مثل هذا النفوذ الرهيب!!؟ .. لقد كانت ايزابل القديمة ابنة ملك وزوجة ملك ، وحتى إذا نبذنا فكرة أن إيزابل الحديثة لم تكن زوجة الراعى ، فهل كانت تمثال عائلة كبيرة فى الكنيسة ، وأنها ربما كانت من أعلى الشخصيات الظاهرة فى المجتمع ، وأن الناس كانت ترى مركزها الاجتماعى فتفسح لها الطريق ، ومن ثم أخذت خطاها فى التقدم والتغلغل بكيفية لم يسهل معها مقاومتها أو الحد من نفوذها !! .. قد يكون !! والحقيقة هى أن مأساة الكنيسة فى مرات كثيرة ، ترجع إلى أنها تعطى هذا أو ذاك المركز المتقدم ليس على الأساس الروحى بل على اعتبارات بشرية محضة ، الأمر الذى يستغله الشيطان أبرع استغلال ، ... على أن ايزابل فى تياتيرا كانت تعلم بكل تأكيد أنه مهما يكن المركز الاجتماعى داخل الكنيسة ، فإنه لا يصلح قط ، أن يكون وسيلة للوثوب إلى المراكز القيادية أو الاستقرار فيها ، ولابد من تغطية الأمور وتثبيتها بلون دينى ، وهذا ما فعلته ايزابل القديمة عندما جندت المئات من أنبياء البعل والسوارى ، وهدمت مذابح اللّه لتقيم على أثرها مذابح للبعل ، .. ومن ثم فعلى إيزابل فى ثياتيرا أن تتشح بثوب دينى ، ولا مانع من أن تأخذ مركز النبوة ، وما أكثر الأنبياء الكذبة الذين ينادون باسم اللّه ، وهم دائماً مضللون،.. وقد وجدت إيزابل الحديثة طريقها بحجة التحرر من كل قيود فى أكل ماذبح للأوثان، وهى تغوى المخدوعين والمفتونين بنبوتها الكاذبة بالحرية التى نادى بها المسيح وأن الأكل فى حد ذاته لا يقدم ولا يؤخر ، بل إن المرونة واجبة للتعامل مع الناس ، دون تزمت أو انفصال ، فإذا كانت النظم السائدة هى أن الطوائف والجماعات من أبناء المهنة الواحدة ، يعيشون مترابطين يشتركون معاً فى الأعياد والحفلات والولائم ، ولا يجوز لواحد أن يشذ عن ذلك إلا إذا فُصل أو طُرد من المهنة أو الطائفة التى ينتمى إليها ، فلا مانع فى عرف النبية الكاذبة أن يكون حراً فى سريرته ، مع الإبقاء على الظاهر تمشياً مع الكياسة والمرونة التى ينبغى الأخذ بها حرصاً على المهنة أو لقمة العيش أو ما أشبه،.. هذه هى الغواية التى إذا استسلم الإنسان لها واستمرأ العيش فى ظلها ، لابد أن تجره جراً وئيداً أو سريعاً إلى « أعماق الشيطان » .. والشيطان فى العادة يضع فخاخه مغطاة ، ويبدأ بما يبدو أنه معقول « أو « منطقى » أو « لا ضير فيه » .. والأنبياء الكذبة فى كل العصور بدأوا هكذا ، .. غير أن السيد الذى كال المديح لملاك الكنيسة لمواجهته الهجوم من الخارج بكل قوة ونشاط متزايد ، لامه على ما كان يجرى داخل الكنيسة ، ومع أنه من الواضح أن قلة فى الكنيسة هى التى تبعت الغواية أو سارت وراءها ، إلا أن خطأ الراعى الفادح كان فى عدم حزمه تجاه المرأة الفاسدة المفسدة ، .. ومن اللازم أن يكون الراعى وديعاً متسامحاً صبوراً ، وقصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ ، لكنه يكون أحمق كل الحماقة ، ومستوجباً كل لوم ، إذا سمح لتعاليم كاذبة مضللة أن تشق طريقها إلى الكنيسة باسم الحرية الفكرية ، والتعرف على أفكار الآخرين أو معتقداتهم ، .. فى الواقع أنها ليست حرية بل هى « تسيب » بلا ضابط أو نظام ، . وهو نفس التعبير الغريب المترجم : « تسيب المرأة إيزابل » .. والبرهان الواضح دائماً للتسيب، هو الانحدار الخلقى ، وايزابل التى فى نكبتها كحلت بالإثمد عينيها لغواية ياهو بن نمشى ، لا تمنع فى أى عصر من أن تستخــدم كل وسيلة لتحقيق هدفها الخبيث ، والمهرطقون العارفون بأعماق الشيطان ، لا يمكن أن ننتظر منهم حياة التعفف والشرف !!..
ومع هذا كله فإن رحمة اللّه واسعة ، وهو يعطى أشر الخطاة فرصة للرجوع والتوبة : « وأعطيتها زماناً لكى تتوب عن زناها » ( رؤ 2 : 21 ) .. ولا يجوز لأحد أن يصور التسامح الإلهى جموداً أو عدم مبالاة أو إهمالا للعقاب الرادع القاسى ، .. إن لطف اللّه إنما ليقود الإنسان إلى التوبة ، وإلا فالصرامة آتية لمن لم يتب ، وسيتحول فراش التنعم إلى ضيقة عظيمة ، قد يراها الشرير فى المرض القاسى أو التعب الشديد أو ألم المعاناة أو ما أشبه مما لا يعرف معه طعم الهدوء أو الراحة أو الأمن أو السلام ، .. وليس هذا كله إلا خطوة تتلوها الخطوة التالية وهى الموت على أبشع صورة ، وكما قتل أولاد إيزابل القدامى على الصورة البشعة ، فهكذا يحدث مع الأخرى : « وأولادها أقتلهم بالموت » ( رؤ 2 : 23 ) لأن أجرة الخطية هى موت !! واللّه يفعل هذا لا لكى يثبت دينونة الأشرار فحسب ، بل لكى يتعلم المؤمنون أيضاً ويفزعون من هول الخطية : « فستعرف جميع الكنائس أنى أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطى كل واحد منكم بحسب أعماله » ( رؤ 2 : 23 ) فى إحدى المزارع فى طرف إحدى الغابات فى السويد ، كان هناك بيت يسكنه رجل عجوز، ولما انتهت حياته، وضعوه فى قبر حفر على طرف المزرعة ، والشئ الغريب أن الرجل أوصى قبل وفاته أن يوضع تحت رأسه كتاب ضخم غريب المنظر ، وإذ دفع البعض حب الاستطلاع ، ازدادت غرابتهم إذ رأوا أوراق الكتاب خشنة ، وبين كل صفحة وأخرى زهرة أو ورقة تحمل معها قصة مكتوبة ، أو حادثاً حدث للرجل فى حياته ، ومن هذه الزهيرات أو الأوراق الذابلة عرفت قصة الرجل ، وتبين أنه كان من مشاهير العلماء، ومن الرجال المتضلعين فى اللغات ، ومن الموهوبين فى الموسيقى ، لكنه أضاع كل شئ بالإدمان على الخمر حتى ساءت صحته وضعف جسمه ونبذه الجميع ، فانعزل ليقضى أيامه الباقية فى الوحدة القاسية ، .. كان الرجل فى ساعات صحوه أشبه بالحمل الوديع ، لكنه عندما يستسلم لسلطان الخمر يتحول وحشاً كاسراً ، .. وكان يعود مرات كثيرة إلى قصص حياته ، ويمتلئ بالأسى والدموع ، فالزنبقة البيضاء تذكره بعروس أحلامه ، وورقة البلوط بصديق الدراسة ، .. وهكذا وهكذا من الصور المختلفة ، .. ووُضع الكتاب تحت رأسه « ووُضع هو فى الحفرة ، وأهيل عليه التراب ، ورفرفت الطيور فوق القبر ، وعصفت الرياح العاتية فوق قبره ، وتوارى العالم الذى أضاع حياته فيه بعيداً عن الحق الإلهى الذى كان يمكن أن ينقذه ويرفعه !! .. وهكذا يكون دائماً مصير الخطاة والأثمة والأشرار والذين ساروا فى درب إيزابل القديمة وعلى نهجها !! ..
ملاك كنيسة ثياتيراوالقوة النافعة
قال المسيح لملاك كنيسة ثياتيرا : « ولكنى أقول لكم وللباقين فى ثياتيرا كل الذين ليس لهم هذا التعليم والذين لم يعرفوا أعماق الشيطان كما يقولون إنى لا ألقى عليكم ثقلا آخر وإنماً الذى عندكم تمسكوا به إلى أن أجئ . ومن يغلب ويحفظ أعمالى إلى النهاية فسأعطيه سلطاناً على الأمم فيرعاهم بقضيب من حديد كما تكسر آنية من خزف كما أخذت أنا أيضاً من عند أبى . وأعطيه كوكب الصبح » ( رؤ 2 : 24 - 28 ) .. ولعله من اللازم قبل كل شئ أن ندرك أن سيدنا محب مترفق لا يقسو أبداً على أتباعه ومحبيه ، لأن نيره هين وحمله خفيف ، .. جاء فى أساطير الإغريق أن هرقل كان عبداً ليورسثيوس الملك ، وكان يكلفه بأعمال تفوق القدرة البشرية ، وكلما نجح هرقل فى عمل كان الملك يكلفه بعمل أقسى وأشد لعله يهلك ، وهو يقصد أن يقتله ، وحارب هرقل الوحوش ، وخاض بحاراً من المهالك والمتاعب، دون أن تلحقه رحمة سيده ومليكه ، .. لكننا نحن لا نعرف شيئاً من هذا القبيل لأن سيدنا محب ، وإلهنا رحيم فيقول: «إنى لا ألقى عليكم ثقلا آخر» .. بل على العكس يعطينا القوة على مجابهة أقسى الصعاب والمشقات ، ونحن نسير به ومعه وفيه من نصر إلى نصر ، .. وما من أحد وصل إلى قوة فى مواجهة الشر والأشرار والعالم إلا وهو يقول: «أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى» ( فى 4 : 13) يظن الآخذون بالملك الألفى الحرفى أن الوعد بالقضيب من الحديد سيكون للمؤمنين فى سحق الأشرار فى ذلك التاريخ ، ولو صح هذا لما طرح الوعد أمام ملاك كنيسة ثياتيرا ، مادام الأمر سيكون لأجيال أخرى بعيدة ، حسب تصورهم لا زالت فى طى المستقبل ، لكن الحقيقة هى أن المؤمن مزود بسلطان دائم فى مواجهة العالم والخطية والشر والجسد ، وهذا السلطان يبدأ بقبول المسيح وحياته فيه: «وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد اللّه أى المؤمنون باسمه» ( يو 1 : 12 ) وكما وقف إيليا فى وجه إيزابل ، وكان يحمل معه سلطان السماء ، فقضى على أنبياء البعل والسوارى ، فهكذا المؤمنون لهم سلطانهم العظيم الذى يحطم الشر والأشرار ليحل مجد اللّه محل كل فساد واثم !! .. فإذا طال ليل الخطية ، وإذا بدا كما لو أن الظلمة تسود كل شئ ، فالسيد يحقق للمؤمن اشراقة الصباح : « وأعطيه كوكب الصبح » (رؤ 2 : 28) وكوكب الصبح هو شخصه المبارك عندما يأتى فى أحلك الليالى ليبدد قسوة الظلام، وتبزغ تباشير الصباح الدائم !! .. كانت ثياتيرا تعبد أبولو إله الشمس ، وأين أبولو الآن من يسوع المسيح ، وأين الظلمة الحالكة والتى ملأت العالم وهى توجه ذهنه المظلم إلى قرص الشمس، من نور العالم كوكب الصبح المنير ، بل شمس البر التى تشرق والشفاء فى أجنحتها!!.. كان وعد المسيح بالقوة والنور ، وهو المانح الوحيد العظيم لهما فى الحياة الحاضرة، والدهر الأبدى !! ..

ملاك كنيسة ساردس .. شخصيات الكتاب المقدس

ملاك كنيسة ساردس

" أن لك اسما انك حى وأنت ميت "

( رؤ 3 : 1)



مقدمة

أعتقد أن الكثيرين منا يعلمون أن هناك رأيين مشهورين فيما يتصل بالكنائس السبع فى سفر الرؤيا ، هما الرأى التتابعى ، والرأى المعاصرى ، .. أما الرأى التتابعى فهو الذى يصور الكنائس السبع رموزاً وإشارات لتاريخ الكنيسة كله على الأرض ، والمراحل المتعاقبة التى تمر بها ، والعصور المختلفة التى ستتحول إليها ، فأفسس عند هذا الرأى تمثل العصر الرسولى ، وسميرنا تمثل عصر الاستشهاد ، وبرغامس تمثل الكنيسة عندما أصبح قسطنطين امبراطوراً ، وأضحت الديانة الرسمية ، وثياتيرا تشير إلى الضلالات التى دخلت إلى الكنيسة لتأخذ مركز القيادة الكاملة فيها، وساردس تتحدث عن الظلمة الرهيبة التى ضربت على الكنيسة حتى ظهور الإصلاح، وفيلادلفيا تكشف عن النهضة العظيمة التى قامت فى الكنيسة فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وحركة الإرساليات العظيمة، وكنيسة لاودكية ، هى كنيسة الفتور الشامل فى الوقت الحاضر !! .. أما الرأى المعاصر ، فهو يشير إلى أن الكنائس السبع موجودة دائماً فى كل العصور ، وكانت موجودة فى وقت الرائى ، وستبقى ظاهرة فى كل عصر فى الكنائس المختلفة على وجه الأرض !! .. ومع أننا لسنا بصدد تفضيل رأى على رأى ، إلا أنك لا تستطيع فعلا أن ترى ساردس على صورتها الحقيقية إلا إذا قارنتها بالكنيسة فى العصور الوسطى التى سادها الظلام ، والتى أصبح فيها البابوات أعلى من الأباطرة والملوك إلى درجة أن أحد الملوك وقد حرمه البابا ، وقف ثلاثة أيام أمام بابه حافى القدم عارى الرأس حتى يأذن له بالدخول ، ويرفع عنه قرار الحرمان ، والكنيسة مع هذا المجد العالمى غارقة فى الضلال والضياع ، كان ملاك كنيسة ساردس القديم صورة غريبة وعجيبة ، لهذا النوع من الحياة ، والتى هى زمام السيد الموت بعينه ، ولذا يحسن أن نتابع هذا الملاك فيما يلى :



ملاك كنيسة ساردس الحى الميت

كان هذا الملاك محسوداً ومضبوطاً من الجميع ، لقد بدت الحياة فى ظاهرها كما لو أنه يتمتع بها إلى أبعد الحدود ، ولم يدر أنه فى نظر الحق لا يزيد عن جثة مكفنة فى تابوت ، قد يكون الكفن من أفخر أنواع الأقمشة ، والتابوت مرصعاً بالجواهر ، .. ومن المتصور أن ملاك كنيسة ساردس سمع المديح من الناس إلى درجة أنه لم يععد يحتمل نفسه ، ولا أود أن أذهب فى هذا الصدد إلى حد المغالاة التى ذهب إليها الكسندر هوايت ، وهو يرى هذا الملاك محسوداً من ملائكة الكنائس الست الأخرى ، لكنه مهما يكن التصور ومهما يكن وصف الدنيا بأكملها له ، فإن المسيح لا يتأثر بأى وصف أو يغير فكره بناء على ما يجمع عليه أغلب الناس أو أعظمهم أو أحكمهم على الإطلاق ، وهو يجرد هنا الرجل من كل مديح ، ولا يرى فيه البتة ، ما يراه الآخرون فيه ، بل هو الإنسان الذى سمح للعالم أن يدخل إليه وإلى كنيسته حتى النخاع ، ولم يعد هناك أدنى فارق بينه وبين العالم على الإطلاق ، .. قال السيد المسيح فى صلاته الشفاعية وهو يفرق بين الكنيسة والعالم : « أنا قد أعطيتهم كلامك والعالم أبغضهم لأنهم ليسوا من العالم كما أنى أنا لست من العالم . لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير . ليسوا من العالم كما أنى أنا لست من العالم . قدسهم فى حقك . كلامك هو حق . كما أرسلتنى إلى العالم أرسلتهم أنا إلى العالم » ( يو 17 : 14 - 18 ) .. كانت جريس ونج فتاة مسيحية صينية تطلب العلم فى الولايات المتحدة ، وقد تحدثت ذات مرة إلى زميلة أمريكية فقالت : هل تسمحين لى أن أسأل ما هو الذى يدل على أنك عضو فى كنيسة المسيح .. فقالت لها الزميلة : إن عائلتنا على الدوام من أعضاء الكنيسة . فقالت الصينية : ولكنى أريد أن أفهم الفرق بينكم وبين الآخرين . نحن فى الصين توجد فروق تميزنا عن غيرنا من الوثنيين . فنحن لا نتعاطى الأفيون ولا نقامر أما أنتم فلا شئ يفرقكم البتة عن العالم ، إذ أنكم تشربون وتدخنون وتلعبون الورق مثل أهل العالم تماماً ولا أعلم لكم وقتاً تقرأون فيه الكتاب المقدس . لقد اشترى أبى عربة من باريس . ويأخذ معه عند ذهابه إلى الكنيسة الكثيرين من الشارع الذى نسكن فيه . أما أنتم وعندكم سيارة فقد أخذتمونى أنا ضيفتكم بعيداً عن الكنيسة!!.. وهل لنا بعد هذا أن نتخيل الملاك المحسود الممدوح المغبوط من الناس فى ساردس !! .. إنه أول كل شئ الراعى الذى يرعى كنيسة يمكن أن تكون تحفة فنية رائعة فى مبانيها ، وقد درج العالم المسيحى على الاهتمام المذهب بفخامة الكنيسة وروعة مظهرها وجمال موقعها وما تتسع له من صالات وقاعات ملحقة بها .. إذا كان الاهتمام بالمبانى يلزم الأخذ به إلى حد كبير ، إلا أن المغالاة فى ذلك تتحول إلى النقيض ، وذلك لأن المبانى فى حد ذاتها ، لا يجوز أن تتحول إلى ما يبهر النظر أو كما ردد التلاميذ أمام المسيح وهم يتحدثون عن عظمة الهيكل : « فتقدم تلاميذه لكى يروه أبنية الهيكل . فقال لهم يسوع أما تنظرون جميع هذه . الحق أقول لكم إنه لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض » (مت 24 : 1و2) .. وأين كنيسة أجا صوفيا فخر المبانى والتى بذل فيها الإمبراطور جستنيان ما جعله يعتقد أنه تفوَّق على سليمان فى بناء الهيكل ، وأين كنيسة بطرسبرج التى استباحها الشيوعيون وجعلوها وغيرها متاحف تتحدث عن عز دارس ومجد قديم، ... وقد أتيح لى فى زيارتى لروما، وأنا أتطلع إلى المبانى المذهلة لكنائسها الشامخة العظيمة أن أستمع إلى أحد المعجبين الذى كان يقول : هنا عظمة المسيحية ، فأجبته فى الحال: لا يا صاحبى! إن العظمة الحقيقية ليست فى المبانى الشامخة بل تراها أكثر وأعظم فى المدينة عندما تنزل إلى أسفل الأرض فى الكهوف العميقة حيث مقابر الشهداء ، وحيث كان أبطال المسيحية يقيمون العبادة هناك!.. ربما كان ملاك كنيسة ساردس محسوداً من زملائه لعظمة مبانى كنيسته ... وفى الحقيقة قد ينخدع إلى اليوم الكثيرون الذين يذهبون إلى الكنائس الأمريكية الكبيرة والتى تبنى على مساحات شاسعة من الأرض ، وبها كل ما يخطر على البال من جمال النوادى الملحقة بها والقاعات الفخمة ، والغرف التى لا تكاد تحصى وتعد بما فيها من أسباب التسلية وضروب اللهو وما أشبه ، .. ولكن المبانى وحدها لا يمكن أن تكون تعبيراً عن الحياة ، ودليلا عليها ، ... وما أكثر المقابر الأمريكية التى تتفوق على القصور ، ولكن الموت يربض فيها ويستقر ، وتكتب أسماء الموتى على الرخام الفاخر الأنيق فى المكان الظاهر منها !! .. وقد تقاس الحياة عند هذا الملاك بالثروة الباذخة وبحبوحة العيش التى يعيشها ، فالذهب يتدفق بين يديه ، والأموال تدخل الكنيسة بلا حساب ، فإذا كان الرعاة فى الكنائس الست الأخرى يحصلون على الكفاف أو أقل أو أزيد ، فإن مرتبه هو أعلى المرتبات جميعاً ، ودخله هو ربما يتفوق على دخلهم جميعاً ، .. وقد يفاخر بذلك بينه وبين نفسه أو يعد نفسه محظوظاً ، .. وينسى أنه يتبع ذاك الذى قال عن نفسه : « وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه » ( مت 8 : 20 ) ..أليست هذه هى النغمة التى سادت الكنيسة ، وهى تركض وراء الذهب ، وتجد فى البحث عنه إلى حد أن باعت فى سبيله ما أطلق عليه فى التاريخ اسم « صكوك الغفران » .. وألم يقل أحد البابوات للراهب توما الكمبيسى وهو يتجول معه فى أبهاء الفاتيكان : لا نستطيع أن نقول الآن ما قاله القديس بطرس : « ليس لى فضة ولا ذهب » ، وأجاب الراهب الشجاع قائلا : ولا نستطيع أن نقول أيضاً : « باسم يسوع المسيح الناصرى قم وامش » !! ( أع 3 : 6 ) .. فى الحقيقة ما أكثر ما اجتذب المرتب المغرى أو الثروة الطائلة الكثيرين من الخدام لتقتلهم حياة الدعة والترف والخمول ، فيدفنوا تحت الثروة التى بهرتهم !! ... ويظن الناس أنهم أحيـــاء على أروع صور الحياة العصرية ، وما هم عند السيد إلا أمواتاً مدثرين بأكفان زاهية إذ لهم اسم الأحياء دون رمق من حياة أو نبض أو حركة ، أو قد يكون الأمر متعلقاً بالعبادة ذاتها ، ولعل هذا ما رآه دكتور تود عندما حلم أنه يدخل الكنيسة ليرى العبادة فيها فرأى من أولها إلى آخرها أحجاراً تسقط من فم الواعظ أو فم الموعوظين أيضاً ، .. فالواعظ من المنبر يعظ ، وقد تكون عظته منمقة قد بذل الجهد فى إعدادها واحتاج إلى المراجع والكتب المتعددة ، وهو يكتبها ويصقل كتابتها ، ولا يجوز لأحد أن يعكر صفوه فى المكتب وهو مشغول بها ، ثم يلقيها ، ولا تزيد عن أحجار تتساقط من فمه ، والعابدون فى ترانيمهم أو صلواتهم لا يلقون إلا أحجاراً ميتة تتساقط من أفواههم وقد تكون فرق الترانيم وهى تصاحب الأورج الفخم العظيم والأصوات الرائعة ، ليست إلا أغانى موتى لا تصل إلى السماء ، ... ألم يحدث على ما تقول الرواية أن جماعة من الرهبان وهى تتعبد كل مساء وفد عليها رجل كان رخيم الصوت إلى أبعد الحدود ، واشترك معها فى الترنم بصوته الساحر الجميل ، وما أن سمع الرهبان هذا الصوت ، حتى أخذوا يسكتون الواحد بعد الآخر ، لأنهم آثروا أن يسمعوا صوت الضيف الجميل عن أن يسمعوا أصواتهم الخشنة التى لا يجوز أن ترتفع إلى جانبه ، وسعدوا فى تلك الليلة كما لم يسعدوا فى حياتهم بالترنم ، وعندما ناموا جاء اللّه إلى رئيس الدين فى المنام يسأله لماذا لم يرنموا فى المساء ، وذهل الرئيس لأنه كان يعتقد أنهم لم يعرفوا الترنيم كما عرفوه فى تلك الليلة ، واكتشف أنه ليس الصوت أو النغم بل الحياة التى يطلبها اللّه ويرضى عنها فى روح المترنمين !! .. وما أعظم ما يبدو العابدون فى أجمل مظهر ، ولكنهم خواء وموتى أمام اللّه فى السماء !! ... وقد يكون الموت كاملا مع المظهر الإدارى الفخم لملاك كنيسة ساردس ، وقد يغطى الشيطان الموت والعفن ، بالحركة الإدارية الواسعة ، وقد يضحك وهو ممتلئ بالسعادة عندما يرى المؤتمرات العظيمة ، والقرارات التى تتمخض عنها ، ومئات أو آلاف الموظفين الذين يذهبون ويجيئون على وجه السرعة فى مختلف القارات ، وعشرات الألوف من الجنيهات تصرف على ركوب الطائرات والسفر وما أشبه ، ... ومن الطبيعى أن ملاك كنيسة ساردس لم يكن قد عرف الطائرات بعد أو نظام السكرتيرين والسكرتيرات والدخول بمواعيد محددة إلى حضرة الراعى المبجل ، ولكن روحه كانت من هذا النوع الذى تقتله الإداريات ، وتجرده من كافة ألوان التعبد والإحساس بالرسالة الثمينة ، رسالة السعى وراء النفوس الضائعة التى مات المسيح من أجلها على خشبة الصليب !!..

ومن الملاحظ أن السيد المسيح لا يتحدث لملاك كنيسة ساردس عن هرطقة معينة أو تعاليم فاسدة ، كمثل ما كشف عنه فى الكنائس السابقة عن النقولاويين أو بلعام أو إيزابل ، ... فهل يرجع الأمر إلى أن العالمية وحدها هى التى قوضت الكنيسة ، وإلى أن فسادها قد امتد إلى الدرجة التى طوت معها كل المعتقدات بما فيها من صحيح وكاذب ، ... إذ لا نستطيع أن نتصور كنيسة بلغت هذا الحد من الموت أو الضياع دون أن يكون السوس قد نخر فى تعاليمها ومعتقداتها،... أم أن الأمر أمر الأعمال وحدها التى أضحت قبيحة بصرف النظر عن صحة المعتقدات فى حد ذاتها !! على أية حال هناك بقايا من الحياة يخشى أن تنتهى وتموت كما ماتت غالبية الكنيسة، والمسيح مع هذا الضياع كله ، يرسل لها نصيحة أخيرة ، للعودة إلى المعتقدات الأولى والحياة الأولى : « كن ساهراً وشدد ما بقى الذى هو عتيد أن يموت لأنى لم أجد أعمالك كاملة أمام اللّه . فاذكر كيف أخذت وسمعت واحفظ وتب فإنى إن لم تسهر أقدم عليك كلص ولا تعلم أية ساعة أقدم عليك » ( رؤ 3 : 3 ) . وهنا نتبين إلى أى حد يكره اللّه أن يموت الخاطئ ، فهو ينذر ويحذر ويتأنى ، طالما فى الإنسان أقل بادرة من رجاء أو أمل ، ولكن عندما يتمادى الإنسان فى قساوة قلبه فإنه يجرى قضاءه الصارم الذى تحتمه عدالته الكاملة ، ومن ثم فهو يباغت المهمل والعنيد بالقضاء الكامل !! .. كانت ساردس مشهورة بثروتها الباذخة ، وكانت عاصمة ليديا وأهم مدنها فى وقت من الأوقات ، ... وكان ملك ليديا الأخير واسمه كريسوس من أغنى ملوك العالم ، ولقد تحدثنا فيما سبق عن ثروته التى كان يفاخر بها وكان يظن أنه أسعد إنسان على ظهر الأرض ، .. ولكن النهاية القاسية قد أطلت على كريسوس وهو فى أوج مجده بغتة باستيلاء كورش الفارسى على مملكته .. فإن أسوأ نهاية للأشرار عندما يفاجئهم الديان العادل وهم يسكرون ويشربون ويعربدون !! ... كان ملاك كنيسة ساردس على علم بتاريخ بلده ومليكه ، وكان عليه أن يتحذر لئلا يبغته القضاء الإلهى فجأة حيث لا مناص ولا أمل أو رجاء فى نجاة !! ..



ملاك كنيسة ساردس والبقية المضمونة

على أنه مهما كثر الضلال أو المضلون ، فإن ذلك لا يضيع عند السيد حق الأقلية الأمينة ، وهو لا يمكن أن يأتى بالكارثة شاملة للجميع دون تفرقة بين شرير وبار وبين آثم وصالح ، .. وهو لذلك سيحفظ القلة الصالحة ويعتنى بها ويصونها كحدقة العين ، ولو جاء الطوفان فإنه سيذكر نوحاً وبيته ، من بين كافة الناس على وجه الأرض ، وعندما يلحق الدمار بسدوم وعمورة ومدن الدائرة ، فإنه سيلتقط لوطاً من وسطها ، وعندما يأتى الضياع لكل من فى ساردس ، فإنه سيذكر قلة صغيرة قد لا يذكرها الناس لقلة عددها أو ضآلة شأنها فى نظر المجتمع ، ولكن اللّه القدير السرمدى يراها على الدوام عزيزة فى عينيه ، وهو يعلم معركة هؤلاء مع الحياة والشر والإثم والخطية والعالم ، ولابد لهم من مكافأة وجزاء ، ... وأول مكافأة هى أن يعطيهم الثوب الأبيض الذى يظهرون به أمامه فى الأرض وفى الأبدية : « من يغلب فذلك سيلبس ثياباً بيضاء» ( رؤ 3 : 5 ) .. والثياب البيضاء رمز النقاوة ، والنصر ، .. والغريب أنه يقول هنا: «فسيمشون معى فى ثياب بيض لأنهم مستحقون» ... واستحقاقنا نابع أصلاً لا من جهد فينا أو عمل عملناه بل لأنه كسانا بالصليب رداء البر ، وألبسنا ثياب الخلاص ، وكل ما يمكن أن ينسب إلينا هو القبول للدم ووضعه على العتبة العليا والقائمتين فى حياتنا على هذه الأرض ، فيرى الدم ويعبر عنا غضبه وهلاكه .. فى أعقاب الحرب العالمية دخل الجيش الأحمر فنلندا ، واستبسل الفنلنديون فى الدفاع عن وطنهم ، وفى معركة أسروا بعض الروس ، وحكم على سبعة منهم بالإعدام ، .. وكانوا من الشباب الروسى الذى تعلق بالشيوعية ، ولفظ دين أبائه وأجداده ، وقد حدث أن سجن هؤلاء الأسرى ، وأوكل إلى أحد الضباط حراستهم حتى ينفذ فيهم حكم الإعدام ، وكان اسم الضابط نوردمبرج ، .. وفكر واحد من رجال جيش الخلاص زيارة هؤلاء الجنود ، ووعظهم عن المسيح ، وبدا كما لو أن خطابه كان بدون أدنى تأثير ، على أنه ختم الاجتماع بالترنيم والصلاة . وكانت الترنيمة معروفة وتقول :

آمنا آمنا فى سلام بلا رعب

آمنا آمنا آمنا فى أذرع الرب

وفى الليلة التى كان فيها الجنود سيقدمون فى الصباح للموت حدث أمر عجيب إذ بدأ أحد الأسرى يغنى وكان اسمه كوسكنن ، ولم يكن يلعن أو يهذى كعادته بل كان يغنى نفس الأغنية التى استمع إليها من رجل جيش الخلاص ، وقد أثرت هذه الأغنية فى الجميع ، وسأله أحدهم أين تعلم الترنيمة ، وهل أصبح متديناً ، وتبين أن الترنيمة التى استمع إليها لم تملك عليه شغاف قلبه فحسب، بل إنها أكثر من ذلك ذكرته بأيام الطفولة ، عندما كانت أمه تحدثه عن المسيح المخلص،.. تكلم كوسكنن وقد انعكس على وجهه المجد الذى كان يملأ قلبه ، .. وهنا قال أحد رفاقه وهو يستمع إلى شهادة الشاب : لقد أصبت ياكوسكنن ، وآه ليت لى هذه النعمة ، ولكن يدى مخضبتان بالدم ، ولم يبق لى سوى الجحيم فهو المكان المناسب لأمثالى . وانطرح ينتفض وهو يصرخ بدموع قائلاً: صل ياكوسكنن ، وانحنى كوسكنن يصلى لأجل زميله ، لم تكن الصلاة طويلة لكنها كانت قوية ، فقد فتحت السماء لكليهما ، .. وكان منظرهما مؤثراً ، حتى أن البقية تأثروا، .. وهب روح اللّه على المكان ، .. وعندما جاء الصباح قال أحدهم : غن ياكوسكنن ، واشترك الجميع فى الترنيم والأغنية ، ... وتمنى الضابط المكلف بإعدامهم لو أمكنه استصدار العفو لهم ، ... ولكن كان هذا مستحيلا ... وبعد الانتهاء من الترنيم ، أطلق الرصاص عليهم ، وأحنى الضابط الفنلندى رأسه فى الصلاة ، وجاء به المنظر إلى المسيح ، إذ لم يكن قد سبق أن سلم حياته للّه ، ... وسار الكل فى ظل الصليب وقد ارتدوا الثياب البيضاء التى يرتديها المؤمنون المخلصون بدم المسيح !! .. والثياب البيضاء تتحدث إلى جانب التطهير ، عن المجد ، فهى إعلان عن المجد السماوى الذى يناله المؤمنون وقد تخلصوا من كل دنس الأرض وشرورها وتجاربها فهى « رداء الحياة الأبدى » الممنوح من يسوع المسيح !! .. ومن المناسب أن نلاحظ ارتباط هذا الوعد بالقول : « ولن أمحو اسمه من سفر الحياة » (رؤ 3 : 5) .. وهو تعبير مجيد يرتبط حتما بانتصار المؤمن وغلبته ، ولا يجوز أن نأخذه بمعنى أن المؤمن يمكن أن يرتد ويهلك ، أو أن اللّه يكتب اسمه أولا عند التجديد فى سفر الحياة ، ثم يمكن أن يعود فيمحو ذلك الاسم، إذ أن هبات اللّه ودعوته هى بلا ندامة ، ومعلومة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله ، لكن التعبير أخذ أساساً من أن الموتى ترفع أسماؤهم من سجلات الأحياء فى المدينة ، ولا يجوز أن يحسبوا أحياء وهم موتى ، .. وقد يحسب الكثيرون أعضاء فى جسد المسيح لمجرد أن أسماءهم مكتوبة فى سجلات العضوية فى الكنيسة أو أنهم عمَّدوا أو مارسوا أعمالا أو وظائف كنسية، فقد تكتب هذه الأسماء وتمحى ، لكن أسماء الغالبين لا يمكن أن تمحى من سفر الحياة،... والتعبير مهما قيل فيه، فهو من الألفاظ المستخدمة للتذكرة والتنبيه والتحذير على مستوى فهم الإنسان، كالقول: «ندم اللّه» واللّه أساساً لا يندم أو يتحول عن فكره ، ولكنها للتعبير عما يبدو أنه تغيير فى الاتجاه فى مفهوم الإنسان،... واللّه هنا يريد أن يذكر حقيقتين متلازمتين ، وهما الجهاد المنتصر واستحالة المحو من سفر الحياة ، ... وهو من قبيل القول : «إذا يا أحبائى كما أطعتم كل حين ليس كما فى حضورى فقط بل الآن بالأولى جداً فى غيابى تمموا خلاصكم بخوف ورعدة لأن اللّه هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة » ( فى 2 : 12 ، 13 ) فإذا كان الجزء الأول من العبارة يتحدث عن مجهود الإنسان فى الخلاص ، فإن هذا لا يتناقض البتة مع احتواء هذا الجهد فى نطاق الإرادة والقدرة الإلهيتين ، والمسيح هنا مع أنه هو الذى يعطينا رداء البر ، وهو الذى يكتب أسماءنا فى سفر الحياة ، إلا أنه حريص فى الوقت نفسه على أن يشجعنا على الإحساس بالمسئولية الموضوعة علينا ، التى لا يجوز تجاهلها البتة ، إن الحياة الروحية معركة ، تتطلب الصراع المستميت المنتصر!! .. وهو يضيــــف إلى ذلك ، ولهـذا السبب: «وسأعترف باسمه أمام أبى وأمام ملائكته».. وهو اعتراف لا يمكن أن يتم إلا للذين اعترفوا به رباً وسيداً وملكاً على حياتهم، وكانوا على استعداد للشهادة والاستشهاد من أجل اسمه !! ..

على أية حال إن الكنيسة الواحدة يختلط فيها الموتى والأحياء ، وقد يكون الموتى أكثر عدداً وأبهى منظراً من وجهة النظر العالمية ومع ذلك فهم موتى ، ... ولكن مهما كثر عددهم فإن من رحمة اللّه هناك قلـــة باقية أمينة لربها متسربلة بثياب النور البيضاء !! .. وهى لا يمكن أن تضيع متى ثبتت على الثقة فى السيد والانتصار به ، ... عندما كان كرومويل فى ضجعة الموت سأل واحداً من رجال اللّه قائلا : هل يسقط الإنسان من نعمة اللّه - وهو يقصد التمسك بنعمته - وقد حصل عليها يوماً من الأيام !! .. وكان الجواب: كلا !! ومات الجندى الإنجليزى العظيم الشجاع وعلى شفتيه هذه العبارة: أشكر اللّه لأنى نلت هذه النعمة فى يوم من الأيام !! .. أيها القارئ ليت لك هذه النعمة، وليتها تكون فيك النعمة الفعالة التى تمسك بيدك من مدينة الموتى مدينة ساردس إلى فردوس اللّه !!

جدنا على فيس بوك

منتدى ملك الملوك بشكل جديد www.malek-elmlook.com ملك الملوك ارض الحصريات