facebook

فيلم المعلم ابراهيم الجوهرى : مشاهده مباشره

فيلم المعلم ابراهيم الجوهرى






..

شخصية ( مريم النبية ) من شخصيات الكتاب المقدس

مريم النبية

«هرون وموسى ومريم اختهما»


مقدمة

ما أبدع وصف صموئيل رزرفورد للنفس البشرية حين قال : «يا للألم!! يا للموت!! يا للمأساة!! حين تطوح بي نفسي وشهواتي ومسرتي ومباهجي بعيدًا عن ربي وإلهي وملكي وفادي ومخلصي!!.. بعيدًا عن فيض نعمته وعذوبة محبتة...! ياللأسف بل يا للخزي والضعة!! هذا المخلوق المفجع! هذا الصنم المخيف «نفسي» هو المعبود الذي ننحني أمامه جميعًا.. ما الذي أغرى حواء على أكل الثمرة المحرمة إلا هذا الشيء المفزع «نفسها»؟ وما الذي حدا بقايين ليقتل أخاه الوادع إلا «نفسه» الوحشية التي لم تروض؟ وما الذي أغرق العالم قديمًا بالطوفان إلا «نفوسهم» الجامحة الشريرة؟ وما الذي أسقط داود في خطيته الشنيعة الا شهوة «النفس» ودفعته بعد ذلك إلى الكذب، فالخداع فقتل أوريا للتستر على «النفس» والحرص على كرامة «النفس» ما الذي جعل بطرس ينكر مولاه؟ أليس هو تخوف النفس؟ وما الذي هوى بيهوذا لبيع سيده بثلاثين من الفضة؟ أليست هي وضاعة النفس؟ لم أدار ديماس ظهره لبولس والإنجيل وأحب العالم الحاضر وذهب إلى تسالونيكي؟ أليس هو حب الذات وغرور «النفس»؟ كل إنسان ينوح على خطاياه ويلوم الشيطان عليها ولكن الشيطان الأكبر، الشيطان الذي يستقر في أعماق النفس البشرية يلهو ويستمتع ويشتهي ويتسلط ويستعبد ويدمر هو ذلك الصنم المريع «النفس»!!..

«نفسي! ياللرعب! أنا خائف من نفسي وقلبي أكثر من البابا وكل كرادلته معا، أنا أحمل بين أضالعي وفي قلبي البابا الأعظم «نفسي!» هكذا صاح لوثر ومن قبله صاح إرميا: «القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه!!» وصاح بولس «ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت!!».

كانت مريم النبية أولى مريمات الكتاب والأم الأولى فى إسرائيل فتاة رائعة حلوة جميلة فتاة بلغت مرتبة الزعامة والقيادة في شعبها وضعها الله جنبًا إلى جنب مع أخويها «أرسلت أمامك موسى وهرون ومريم». كانت فتاة كالطود الشامخ، امتد اسمها وارتفع ودوى وذلك لأنها أفنت نفسها وعاشت لغيرها ولفظت من حياتها تلك الكلمة البغيضة «أنا» على أنها، يا للاسف لم تستطع هذا إلى النهاية وفشلت في معركة النفس وهي على أبواب النصر ساعة التداني من الموت فحمل التاريخ لنا صورة محزنة لمريم البرصاء صورة الغيمة تأتي ساعة الغروب فتبدد ذلك الجمال الأخاذ الذي يبدو مع أضواء الغسق المتكسرة التي توشك أن تضيع وراء الأفق.



مريم : من هي؟!

مريم هي الأخت الكبرى لموسى وهرون كانت غالبًا في العاشرة من العمر يوم ولد موسى وقد بدت في هذه السن الباكرة آية في الذكاء وقوة الإدراك تقف لتراقب أخاها الصغير ولكن من على بعد حتى لا تثير حولها وحوله الشكوك، وما أن تفتح ابنة فرعون سفط البردي تدعو لها مرضعة عبرانية، هذه بداءات عقلها الفذ، العقل الذي أضحى فيما بعد قوة هائلة في توجيه إسرائيل. إني أحس أن موسى أخذ منها الكثير، وانه انتفع بنصائحها وإرشاداتها إلى حد بعيد، وأحس أن هرون - وقد بدا هذا يوم الكوشية على وجه أدق - كان بين يديها بمثابة الطفل الصغير بين يدي مربيته الكبرى... وهي أيضًا الفتاة العامرة بالإيمان، الفتاة التي آمنت بإلهها وشعبها وأخيها، ولهذا عاشت لإلهها وشعبها وأخيها، وكرست كل قواها في سبيل هذا الالة والشعب والأخ،. وقد عن للبعض أن يسأل لم لم تتزوج مريم؟ ومن المرجح أنها كانت على حظ وفير من الجمال، وأن كثيرين من الإسرائيلين والمصريين من كان يعد الزواج بمريم امتياز كبيرا، ولكن فتاة إسرائيل العظيمة لم تخلق لتكون زوجة تهدهد طفلاً، وتحتضن آخر، وتغني لهما أغنية المساء. كلا ما عاشت لتخضع لتلك الغرائز الأصيلة في نفس المرأة، التي تجد مسرتها في بيت رجل وولد، لقد اتسع قلب مريم واتسع وامتد. لقد تزوجت شعبًا بأكمله، شعبًا أحبته واحتضنته وعاشت له، فزعت وبكت لآلامه، وغنت وترنمت لأفراحه ومسراته، وهتفت له ورقصت يوم النصرة والمجد. هي بعض أولئك النساء اللواتي انصرفن عن مباهج المرأة والحياة الزوجية وعشن مكافحات في سبيل غرض عظيم، أو مبدأ سام، هي الأم الأولى للمرسلات العظيمات اللواتي عشن وما يزلن إلى اليوم لله ولكنيسته. ولقد منحها الله موهبة النبوة، يهبط عليها الإعلان السماوي في صور إيحاء قوى عميق، أو يتسلل إليها عند وقوع سبات على الناس، فتستمتع إلى صوت الله لتقدمه للشعب في لغة نصيحة، أو تحذير، أو تذكير، أو عظة...

هذه هي مريم الفتاة التي كان وجودها عنصرًا هامًا ماسًا في تحرير شعب الله وخروجه. الفتاة التي سارت معه حانية عليه في طريق الظلمة، والنور والكفاح والحرية. الفتاة التي اندفعت معه ودافعته حتى بلغت به مع أخويها مشارف أرض كنعان الموعودة، لذلك لا عجب أن وقف الشعب أسبوعًا كاملاً ينتظر في حزن وألم أو بتها وعودتها لما ضربت بالبرص يوم خطيتها الكبرى.



مواقف مريم

أما مواقفها البارزة فأكاد أراها ثلاثية على التوالي والترتيب التاريخي الآتي : مريم الحارسة لأخيها : مريم المرنمة مع أخيها : مريم الحاسدة لأخيها.



مريم الحارسة لأخيها

وكان هذا كما أسلفنا في مطلع حياتها ولم تزل الفتاة غضة صغيرة يافعة، ولد موسى أخوها، وكان - كما وصفه استفانوس - جميلاً جدًا. ويوسيفوس المؤرخ اليهودي يذكر أن جماله كان رائعًا فتانا مذهلاً فما من إنسان رآه طفلاً محمولاً على الأكتاف أو صبيًا يسير في طريق ما، إلا ووقف مأخوذا بهذا الجمال العجيب البارع. ومن ثم ثارت في يوكابد في عنف غريزتها كأم فأبت - دون خوف أو خشية أو تردد - أن تسلم ولدها للموت طعمة الأسماك والتماسيح في مياه النيل. بل أن هذا الجمال الغريب الرائع الفريد أوحى إليها أن وراءه شيئًا سماويًا إلهيًا قدسيًا، وراءه رسالة ما لشعب الله التعس المعذب. لذلك خبأته ثلاثة أشهر ولما لم يمكنها أن تخبئه أكثر من ذلك، أخذت له سفطاً من البردي وطلته بالقار والحمر ووضعت الولد فيه، ووضعته بين الحلفاء على حافة النهر، ووقفت أخته من بعيد لتعرف ماذا يحدث له. وكم يتحرك قلبي وأنا أرقب هذه الفتاة بجوار أخيها وأستمع في الحين نفسه إلى كلمات الكسندر هوايت يناديها : «أي مريم! أيتها الفتاة الصغيرة! راقبي جيدًا واحرسي الأخ الصغير ولا تدعي عينيك تلهوان هنا وهناك فإنك لا تعلمين من تحرسين وأي كنز تراقبين؟ في هذا السفط الصغير كنزا من أثمن ما عرفت مصر من ذخائر وكنوز. في هذا السفط الصغير بطل من أبطال التاريخ والأجيال الخالدين على مر القرون في هذا السفط الصغير ترقد الشريعة والأنبياء والمدنية والحضارة... أي مريم : أحسني أداء واجبك العظيم؟ ولقد أحسنت مريم أداء هذا الواجب ووقفت فيه إلى أبعد مما نظن أن نحلم، إذ حرست أخاها، لا على شاطيء النيل فحسب، بل وفي بيتها القديم أيضًا حيث اشتركت مع أبويها في تهيئة طفولته وتربية إيمانه تربية لم تستطع مصر معها بكل ما فيها من قوة وإغراء وسلطان أن تضلله وتمحوه... لاشك أن كثيرين حين يسمعون القول : «بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يدعى ابن ابنة فرعون مفضلاً بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية حاسبًا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر» يصفقون للرجل العظيم الذي أدار ظهره للتجربة التالية لتجربة ابن الإنسان... أما أنا ففي ميل كبير مع ذلك إلى أن أصفق لمريم والأثر الذي تركته مريم في نفس أخيها حتى أقر بشجاعة وعظمة ونبل هذا القرار الكريم.

ما أقدر ما تستطيعه الأخوات حين تقف كل واحدة لتحرس أخاها الصغير، وتطوقه بحنانها وحبها وأخوتها، ما أجملهن إذ يقفن وراء الستار منكرات ذواتهن، يتعبن ويتألمن ليدفعن بأخوتهن إلى البطولة والمجد والخلود. كان سير هر العالم الكبير يدين بكل ما في حياته لأخته كارولين، ولقد كرست كل قواها لتوقظ فيه العلم والبحث والعبقرية... وهل ينسى الناس من الوجهة البشرية الخالصة أثر هنريت في رينان وأليصابات في نيتشه؟ أيتها الأخت العظيمة المؤمنة : من يعلم ماذا تقدمين لله وللإنسان، وأنت ترعين أخاك الصغير؟ من يعلم أنك قد تحرسين - وأنت لا تدرين - ملكًا أو نبيًا أو عظيمًا أو بطلاً من أبطال التاريخ وأفذاذه؟ حين يسألك الله أيتها الأخت عن أخيك ماذا تقولين؟ أتفقين أمامه بالدم والدموع والعرق والجهاد وتمدين يديك النبيلتين المخضبتين بروعة التضحية وعظمتها وتقولين : هذا ما فعلته من أجل أخى؟ أم تجيبين إجابة ذلك الأخ الأول الذي ضيع أخاه وأراده قتيلاً ثم صاح : أحارس أنا لأخي؟



مريم المرنمة مع أخيها

انحنى موسى مع شعب الله في روح الولاء وعرفان الجميل، وغنى أغنية العظيمة على شاطيء البحر الأحمر غداة العبور، الترنيمة التي اعترف أكبر النقاد وباحثي الكتاب أن شعرها بلغ ذروة الفن الرفيع. ولعلنا لو سألنا موسى كيف بلغ بها هذا الحد من الروعة والإبداع، لأجابنا إجابة هايدن الموسيقار العظيم والملحن المبدع الذي قال حين استفروه عن سر ما في موسيقاه من روعة وترانيمه من سحر وعذوبة: «أذكر الله فقط إلهي وسيدي وملكي العطوف فيرقص اللحن أمامي قبل أن توقعه أناملي وتعزفه موسيقاي» أجل كان موسى مأخوذا بحنان الله وعطفه ورعايته، ففاض بهذه الأغنية الخالدة. على أن ترنيمته اكتسبت جمالاً أروع وأنصع بالدور الذي لعبته مريم، أذ خرجت مع بنات إسرائيل وأنشأن أكبر جوقة عرفها التاريخ وأجبن الرجال بالرقص والدفوف والغناء : «الفرس وراكبه طرحهما في البحر» وهنا تقف مريم أما لذوات الأصوات الساحرة والأغاني الشجية في كنيسة الله بل تقف أماً لعازفات الموسيقى في التاريخ. ولو أن أوغسطينوس وتايلور ومن على غرارهما الذين لم يتحمسوا للموسيقى في العبادة وقفوا في ذلك اليوم على شاطيء البحر الأحمر وأبصروا موسي ومريم يغنيان، لو أنهم تأملوا ذلك المنظر البهيج إذن لغيروا رأيهم ونزلوا عن عقيدتهم، كان لوثر يؤمن أن الموسيقى أجمل هبات الله وأروعها، وكان يطلب من الملوك، والأمراء، والسادة العظام، أن يولوها أكمل عناية وأجل تقدير. فهي في نظره تهذب وتعلم وتسمو بالناس فتجعلهم كثر لطفا ورقة وأدبًا ودعة وتعقلاً. كانت الموسيقى عنده تأخذ المكان التالي للاهوت.

من المحزن أن تتلوث الآلات الموسيقية بهذه الألحان الدنسة الآثمة، ومن المؤسف حقاً أن يتحول هذا الفن المقدس إلى ما نرى من القذارة والدعارة والنجاسة في الأماكن المفسدة. من لنا بمريم التي تغني للرب وللرب وحده، وترقص أمام الرب وأمام الرب وحده؟

من سنين عديدة من مدينة لندن وفي حفل دعى إليه عدد كبير من علية القوم وواعظ مشهور في تلك الأيام اسمه قيصر ميلان.. غنت فتاة موهوبة الصوت فملكت على المدعوين كل مشاعرهم.. فدنا منها ميلان، وقد أخذ بصوتها الساحر، وقال : «أي أيتها الفتاة! كم تخدمين المسيح لو كرست هذا الصوت العذب لأغانيه وترانيمه!» غير أن الفتاة اشمأزت منه وقالت : «كيف تطلب مني أيها السيد مثل هذا الطلب؟» فأجابها «معذرة يا فتاتي : ولكني أظن أن المسيح يستحق أجمل ما فينا وأجل ما نملك من هبات» وتركها ومضى... ذهبت الفتاة إلى دارها وارتمت في فراشها لتنام، ولكنها لم تستطع، فان وجه الواعظ التقى كان ما يزال مرتسمًا أمام عينيها وصوته المؤثر ما يزال يرن في أذنيها ويدوي في أعماق قلبها. حاولت عبثًا أن تقصي فكرها عنه ولكنها لم تتمكن. وبعد صراع عميق مرير نهضت قبيل الفجر وكتبت أغنيتها العظيمة المعروفة واتلي مطلعها :

كمـــــا أنــــا أتـــي إلى فاد الورى مستعجلاً

إذ قلت نحوي أقبـــلا يا حمل الله الوديع

أنتم لاشك عرفتم من هذه الفتاة! انها شارلوت أليوت التي كرست صوتها الذهبي للمسيح ولقد حاول العالم مراراً متعددة أن يغريها بشجاعة : «إن الصوت الذي كرس للمسيح محال أن يتلوث بعد اليوم بأغاني العالم الفاسدة الشريرة».



مريم الحاسدة لأخيها

... ولكن كيف تسقط مريم في هذه الخطية!؟ مريم التي أحبت موسى، وأعجبت بموسى، وعاشت لموسى كيف تنقلب عليه وتغار منه؟ وكيف تتآمر مع أخيها ضده؟ ما سر هذا التحول المخيف والتبدل المحزن؟ تزوج موسى بامرأة كوشيه وليس المجال هنا مجال الحكم عليه أو له، أأخطأ أم أصاب! إنما يعنينا أمر واحد، أن وازن القلوب وكاشف الأسرار أبصر تيارا أسود يندفع في قلب مريم، عاطفة غير كريمة تتمشى في نفسها.. شعور الغيرة والحسد إزاء هذا الدخيل الذي جاء به موسى ليقطن في بيته، إنها امرأة أخرى تقاسمها موسى وحب موسى وانتباه موسى. وهل تطيق مريم هذا؟ كانت مريم أخت موسى، وأمه، وابنته، وصديقته، ومشيرته، كانت له كل شيء. فمن ذا الذي يجرؤ أن يغتصب منها شعورها أو بعض شعورها نحوه.. الكوشية؟ كلا وألف كلا! وصرخت مريم في سريرتها بدموع : لا يا موسى لا يا أخي لا يا ولدي لا يا أبي.. ليس لي سواك أجعلني كخاتم على ساعدك لأن المحبة قوية كالموت، الغيرة قاسية كالهاوية، لهيبها لهيب نار لظى الرب.

ثارت مريم على أخيها، وأثارت معها الأخ الوادع الطيب القلب هرون. وأبرز ضعفات هرون اندفاعه وعدم صلابته وصموده. اندفع يومًا ما أمام الجماهير الحانقة المغضبة فصنع لها عجلاً. واندفع هنا تحت تأثير مريم الغيورة الحاسدة وتآمر الاثنان على إسقاط موسى : يا للرعب من يصدق هذا؟ إن موسى يهاجمه أعز أحبائه في الوجود.. ولكن هو الحسد، هو تلك العاطفة التي تنبع من أنانيتنا وكبريائنا. تلك العاطفة التي لا تستريح لارتفاع الآخرين وسموهم عنا، تلك العاطفة التي تعمي نظراتنا فنرى القبح في موطن الجمال، وتدنس مشاعرنا فلا تلفظ قلوبنا إلا الحقد والمقت والكراهية، وتدمر إرادتنا الصالحة فنحطم وتتحطم مع الآخرين.

في صورة لمصور مشهور عنوانها «الحسد» نرى الفنان في قدرته الفائقة يصور العواطف التي تجتاح الحسود والنوازع التي تفيض منه ونوع الحياة التي يحياها في صورة رجل يقف في وضع جانبي كتفاه مرتخيتان، فمه تخرج منه أفعى تلسع جبهته، يداه في صورة مخالب مريعة، رجلاه يشع منهما لهيب متقد، ما أقدرها من صورة في تصوير نفسية الحسود، الشخص الذي يعيش في جو من الضيق والاضطراب فيفقد صفاء العينين وبراءة النظرة. تسرع أذناه إلى التقاط أي همس ينال من المحسود ويفيض فمه بالإشاعات والاختلاقات والتعريض واللمز بل ينفث سما زعافًا من الإيذاء والتجريح كما أن يديه تمتدان للفتك والقضاء ما استطاعتا إلى ذلك سبيلاً. أما اللهب المنبعث من رجليه فهو صورة للنار التي تأكل جسمه وتجعل حياته أتوانًا من العذاب.

أن أفجع مآسي التاريخ جاءت وليدة الحسد، من قتل هابيل، وشرد يوسف، وطارد داود، وذبح قيصر، ونفى شيشرون، وخلع عيني بليساريوس، وسجن كولمبس؟ بل من صلب ابن الله؟ إنه الحسد.

ثارت مريم على أخيها، ورامت أن تسقطه تحت نوازع الأنانية والحسد.. ووقف الشعب ينتظر القائدة البائسة أسبوعًا كاملاً، ولندع هوايت يصف أيامها الأخيرة : «لم تعش مريم بعد هذا الأسبوع، لقد انتهت حياتها العظيمة، ما قضت عليها الشيخوخة أو ضربة البرص، لقد ماتت مريم كسيرة القلب وما استطاع هرون بتقدماته وذبائحه وعطره وبخوره، أن يعيد إليها شيئًا من معنى الحياة، وموسى بكل حلمه وعطفه وحبه وحنانه وثقته ما استطاع أن يجبر قلبها الكسير، ولقد جاهد ابنا موسى وجاهدت الكوشية وجاهدت بنات إسرائيل أن يردوا شيئًا من العزاء إلى عينيها الساهمتين الحزينتين، فما استطاعوا.. لم تعد مريم لتشترك مع الشعب بعد ذلك اليوم في مسراته ولهوه، ومتاعه ورقصه، وهتافاته. لقد أضحى كل هذا قصة الماضي والأمس المدبر. ورقدت مريم في قادش في برية صين إلى أن تستيقظ يومًا مع أخيها وشعبها وقديسي الله، وتمسك بدفها وقيثارتها لتغني أغنية موسى والخروف وتصيح : «من مثلك بين الآلهة يارب، من مثلك معتزًا في القداسة مخوفًا بالتسابيح، صانعًا عجائب».



معك لا اريد شيئا على الارض: شخصية ( المرأة نازفة الدم ) من شخصيات الكتاب المقدس

شخصية ( فيبى ) من شخصيات الكتاب المقدس



فيبي

«اوصى إليكم بأختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة في كنخريا»

مقدمة

لعل من أمتع القصص التي كتبها كاتب غربي قصة بعنوان «معرض الأبطال» وفيها يتخيل نفسه وقد أبصر في حلم معرضاً عظيمًا، وإذ دخله رأى في الطابق الأول غرفة يصل إليها الداخل بعد أن يصعد سبع درجات، وعلى كل درجة عبارة منحوتة كتب عليها: «ما أجمل أن يموت الإنسان من أجل وطنه» ورأى هناك أعظم أبطال الحروب، ابتداء من القائد ليونيداس الذي سقط مع الثلثمائة جندي في معركة ترمبولي وكتب على نصبهم : «أيها الذاهب إلى أسبرطة قل لها أننا متنا طوعًا لقوانينها المقدسة» إلى ابراهام لنكولن الذي مات من أجل تحرير العبيد، ومرت أمام جثمانه امرأة زنجية تحمل طفلا رضيعًا وهي تقول له: «انظر طويلا يا بني إلى الرجل فانه قد مات من أجلك!» وأما الطابق الثاني الذي يصعد إليه بارتقاء عشر درجات فيجد غرفة كتب عليها : «أبطال الطريق الأعزل» وهم الرواد الذي ساروا منفردين أمثال كولمبس وليفنجستون وغيرهما، ممن شقوا الطريق أمام الإنسان في الادغال والجبال والبحار والأنهار، ليفتحوا السبيل أمام إخوتهم في البشرية لحياة أعظم وأجمل وأبهى مما عرفوه على هذه الأرض!! وإذا يصعد إلى الطابق الثالث أثر عشر درجات أخري، يجد هناك غرفة كتب عليها: «أبطال الحق» وهم الذين عذبوا وتأملوا واستشهدوا من أجل الحق مثل سقراط الذي شرب كأس السم، دون أن يتراجع عن عقيدته ومبدئه، وجاليلو الذي نادى بدوران الأرض حول الشمس، وأبى أن يقول إنها مسطحة!! وسجن وعذب من أجل ذلك!!

على أنه في الطابق العلوي الرابع بعد اثنتي عشرة درجة يصعدها وجد غرفة كتب عليها: «أبطال المحبة» وفي الغرفة أبصر صليبًا ارتفع عليه يسوع المسيح، ورأى عشرات من الذين بذلوا الحياة محبة من أجل الله والآخرين، كالراهب تليماخوس الذي أبطل بموته مصارعة الوحوش، والأب دميان الذي بذل حياته من أجل البرص، وجيمس تشارلس الذي قضي من أجل الهند وغيرهم وغيرهم، ممن عاشوا لأجل الآخرين أو ماتوا في خدمتهم.

ولعل الناظر إلى هؤلاء الأبطال، سيجد أن البطولة لم تكن قاصرة على الرجال وحدهم، بل على النساء أيضاً، وقد عرض الرسول بولس للكثيرين والكثيرات ممن بذلوا جهدهم وحياتهم، وفي الاصحاحات الأخيرة من بعض رسائله تحيات حارة لأسماء نعرف أعمال البعض من أصحابها، أو قد لا نعرف على الإطلاق، ولكنهم عاشوا وما يزالون إلى اليوم في سجل الخالدين، وسنعرض الآن لواحدة منهن جاء أسمها أول الأسماء في الأصحاح السادس عشر من رسالة رومية، ونعني بها فيبي خادمة الكنيسة في كنخريا... ولعلنا نستطيع أن نبصرها من النواحي التالية...

فيبي ومن هي!!

الكلمة فيبي تعني «بهية» أو «لامعة» أو «مضيئة» وهي أشبه بالكوكب الدري الذي يلمع في السماء، أو ذلك النور الباهر الذي ينبلج في قلب الظلام. ومع أننا لا نقرأ عنها أكثر من آيتين جاءتا في كلمة الله، إلا أنهما كافيتان على أن تعطيا من النور ما يمكن أن يلقي وضوحًا على كثير من الحقائق، أغلب الظن، أنها كانت متوسطة العمر، لأن بولس يشير إليها كأخت، ولا يعلم أحد إن كانت متزوجة أو غير متزوجة، البعض يعتقد أنها أرملة، على أنه من الواضح أنها كانت امرأة غنية أو ميسورة الحال على أقل تقدير، إذ أنها ساعدت الآخرين، وساعدت بولس، ويبدو أن بيتها في كنخزيا كان مفتوحًا للمؤمنين الذين يفدون إليه من هنا أو من هناك، وربما عاش بولس في بيتها، عندما كان في كنخريا، ويظن أنه كان مريضًا هناك، وقد اهتمت به أبلغ اهتمام وأوفاه، ومن المعتقد أنها كانت امرأة مثقفة حملت معها إلى رومية أعظم رسالة، كتبها الرسول بولس الرسالة التي دعاها جوديت : «كاتدرائية الإيمان المسيحي» «والمنجم الذي ما تزال الكنيسة تخرج منه طوال القرون الماضية أثمن الكنوز دون أن يفرغ أو ينفد حتى ترتفع أخيرًا من الإيمان إلى المعرفة الكاملة».. والتي قال عنها كلفن: «إن أي فرد يتمكن من معرفة هذه الرسالة سيجد المدخل المفتوح إلى كنوز الكتاب الخفية» وعلى الأغلب كانت شخصية قوية ذات نفوذ وتأثير، ولا يعلم لماذا أخذت طريقها من كنخريا إلى روما، غير أن البعض يتصور أنها ذهبت إلى هناك لمصالح تجارية أو قضائية، وكان الرسول يوصي المؤمنين بمساعدتها فيما قد تحتاجه منهم هناك، ومن الواضح في كل الأوضاع، أنها كانت من ذلك الصنف من النساء التي تتجاوز شخصيتها حدود بيتها ومدينتها، أو البيئة المحيطة بها، ولا يمكن أن ننسى في هذا السبيل حيويتها ونشاطها، فالمرأة التي تظهر على مسرح الحياة بهذه الصور المتعددة التي أشرنا إليها، لابد أن تكون من الصنف القوي المؤثر المتحرك في الحياة، على أن أهم ما في حياة هذه المرأة، هو أنها كانت تشرب عميقًا من نهر الشركة العميقة مع الله، وقد ظهر هذا في داخل المدينة والكنيسة التي عاشت فيها... كانت كنخزيا الميناء الشرقي لمدينة كورنثوس، ومن المعلوم أن المواني في العادة من أشر الأماكن وأكثرها تعرضًا للفساد، فإذا أضفنا إلى ذلك أن كورنثوس في حد ذاتها كانت من أشر ما رأى بولس في حياته، فبالأولى يتضاعف الشر في كنخريا، ومع ذلك فقد ظهرت هذه المرأة بهية وضاحة النور والحياة في قلب الظلمات القاسية المترسبة من الفساد والوثنية معًا، كانت كنخريا تتعبد لأبولو، وكان في كورنثوس معبد أفروديت آلهة الجمال، وكان به ألف امرأة كرسن أنفسهن للفساد تعبدًا... ومع ذلك فقد لمعت هذه المرأة كما يلمع الشهاب في الليل البهيم، وأضاءت كما يضيء البدر في أحلك الليالي، وقد ظهر هذا من حياتها المسيحية في المدينة، بل أكثر من ذلك، تكريسها العظيم للخدمة في كنيسة كنخريا، ولنا من كل هذا أن نجد أنفسنا أمام امرأة متعلمة مثقفة واسعة النفوذ عميقة الحياة في الشركة مع الله والناس.

فيبي والأخوة المسيحية

يقول الرسول بولس عن فيبي أول ما يقول: «أختنا فيبي» وهو يكشف فيها ومعها عن معنى الأخوة المسيحية ولعل الأصحاح السادس عشر من رسالة رومية يتحدث بأفصح بيان عن هذه الحقيقة، ويكفي أن تطلع على الأسماء العديدة التي ذكرها بولس فيه لكي ترى كيف تخطت هذه الأخوة حواجز الجنسيات المختلفة، فأكيلا واندرونكوس وبونياس وهيروديون كانوا يهودا أصلاً، وبريسكلا واروربانوس وامبلياس وروفس وجوليا، كانوا رومانيين، والبقية من اليونانيين، كما تخطت الحواجز الاجتماعية إذ كان فيهم العبيد والأحرار، والأغنياء والفقراء، والمثقفين والمحدودين في ثقافتهم، وارتفعت أيضًا فوق حواجز الجنس، إذ لم يعد هناك ذكر أو أنثى وقد حيا بولس على الأقل تسع سيدات في هذا الأصحاح، أرق تحية وأجملها، لقد جاء المسيح ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد!! وإذا كانت بعض الأساطير القديمة، قد حدثتنا عن تلك الجزيرة الكبيرة الواسعة التي كانت مقسمة إلى سبع ممالك منقسمة، وقد أحاطت كل مملكة فيها نفسها بسور ضخم عريض يفصلها عن الأخرى، وما أكثر ما قامت بينهم الحروب والمعارك حول الحدود الفاصلة، وكانت مشكلة الجزيرة الرئيسية الماء الذي كانوا يبتاعونه من السفن القادمة، وإن كان قد شاع بينهم أن هناك ينبوعًا خفياً هو نهر ينساب تحت الأرض في الجزيرة، وحاول أحد الشباب إقناع الممالك بهدم الأسوار والبحث عن الينبوع، ولكنهم كانوا يرفضون، واخيرًا استطاع أن يقنع أحد الملوك، الذي دعاه إلى الحفر، وأنساب الماء وفاض، وما أسرع مارأت الممالك الأخرى حماقة الحواجز والأسوار التي أقاموها، فهدموها عن آخرها، وفعل الينبوع الخفي فعله العظيم في النفوس، قد تكون هذه اسطورة الإنسان الذي أشاع الحزبة والفرقة والانقسام، ولكن الينبوع الخفي الذي جاء به المسيح إلى الأرض، هو الذي علم الناس أن جنة الحياة الصحيحة، تأتي عندما يلتقون ويتآخون في حب وأمان وسلام حول شخصه العظيم الأمين المبارك، هل سمعت عن الأسطورة الأخرى الهولندية والتي تقول إن ثلاثة من الشباب المعربدين الماجنين مات صديق رابع لهم، وامتلأوا حزنًا وكآبة عليه، حتى أنهم أصروا على مطاردة الموت والقضاء عليه، وفي ذات يوم خرجوا باحثين عن الموت لينقضوا عليه ويقتلوه، وبينما هم سائرون أبصروا رجلاً مسنًا في الطريق، يضرب الأرض بعصاه ويطلب منها بالحاح أن تفتح أبوابها لتحتضنه في ثراها، فقد تعب من آلامها، ويئس من فواجعها، فنشد الراحة في جوفها، فاستوقفهم هذا المنظر، وطلبوا من الرجل، أن يريهم أين يسكن الموت الذي هم ساعون وراءه، فأشار الرجل إلى سنديانة كبيرة نشرت أغصانها فوق رابية منعزلة وقال إن الموت ينتظرهم هناك، وسوف لا يتوارى عنكم ما دمتم من طلابه، فجدوا في السير، وقصدوا السنديانة، ولكن لعظم دهشتهم لم يجدوا أثراً للموت هناك، بل شاهدوا كومًا من المال مكدسًا قرب جذعها، وبريق الذهب يتلالأ تحت ظلالها، وينعكس على أغضانها!!. وسرعان ما غمرتهم نشوة الفرح، فانهالوا على الذهب يجمعونه في أكياسهم، وقد نسوا لماذا جاءوا إلى المكان، واستقر الرأى على أن يجمعوه إلى بيوتهم، واذ خافوا أن يفعلوا ذلك نهارًا، انتظروا إلى الليل لينقلوه في المساء، وأذ أحسوا الجوع، أرسلوا واحد منهم إلى أقرب سوق ليبتاع طعامًا، وهنا جاء الشيطان موسوساً لمن ذهب أن يدس سمًا لزميليه في الطعام ليفوز بالمال وحده.. ووسوس للآخرين بأن يتظاهر باللعب معه ويقتلاه بمدية، حتى يقتسما المال مناصفة، وتم كل شيء ومات الجميع وسقطوا على أكوام من ذهب.

... لقد جاء المسيح إلى العالم ليغسل الناس من الطمع والحقد والأثرة والفساد، ويعلمهم أنهم أخوة في شخصه المبارك، وأبناء للأب السماوي، وأن رسالتهم في الحياة أن ينحني الواحد منهم على الآخر في رقة وحنان وإيثار ومحبة، ألم يقل فرانسس الأسيسي «ما أجمل هذه الدنيا أن استطعتم أن تتخلصوا مما فيها من قيود وما قيودكم إلا المال والمسكن والمأكل والملبس تعالوا انظروا الأشياد الحقيقية في الحياة، تعالوا وأحيوا حياة الروح، وأنيروا كالشعلة، وأينعوا كالزهرة، وأفيضوا كما يفيض المجرى المتدفق من الجبل...!»

فيبي والخدمة المسيحية

وقد وصفت فيبي أيضًا بأنها «خادمة الكنيسة في كنخريا» والكلمة المترجمة هي الكلمة «دياكونوس» والتي اشتقت منها «دياكون»أو شماس، ومن هنا قيل أن فيبي كانت شماسة الكنيسة في كنخريا، ومن الوجهة التاريخية لا يعرف أن المرأة مارست مثل هذا المنصب في الكنيسة الأولى على نحو عام، وإن كان الآباء اليونانيون يعتقدون أن القول الذي جاء في رسالة الرسول بولس إلى تيموثاوس: «كذلك يجب أن تكون النساء ذوات وقار غير ثالبات صاحيات أمينات في كل شيء» (1تي 3 : 8) لم يكن يقصد به زوجات الشمامسة بل قصد به الشماسات على وجه الخصوص، ومن ثم وجد من فسر العبارة «غير ثالبات» بالثرثارات اللواتي لا يدركن أن يقدرن معنى رسالتهن كشماسات، وأيا كان التفسير، فمن المسلم به أن خدمة الشموسية لم تكن شائعة قط قبل القرن الثالث، وقد قيل ان بليني الحاكم على بثينية قال في واحد من تقاريره عام 111 م إنه عذب خادمتين تعملان في الكنيسة شماستين، وهو يسألهما عن الفرائض المسيحية... على أنه في الواقع أن خدمة النساء بهذا المعنى، ظهرت على هذه الصورة أو تلك أيام الإمبراطور تراجان، وكان مظهرها الأعمق والأهم زيارة النساء، والاهتمام بالمحتاجين، والضعفاء، والمرضى، وهنا يقول دين روبنسون عن فيبي: «إنها تظهر بلا شك شاهدة على أهمية الخدمة المسيحية التي كانت تقوم بها المرأة في الكنيسة الأولى، وإن كان المتتبع لخدمة الشموسية لا يستطيع أن يقول بدقة من الوجهة التاريخية، أنها تعبر عما يقصد به من خدمة الشماس في المعنى الكامل». وعلى أي حال سواء كانت الخدمة بمعناها التقليدي كشماسة، أو بالمعنى العام للخدمة المسيحية، وسواء كانت في حدود موسعة أو ضيقة في الفترات المختلفة من التاريخ حسب العوائد والتقاليد المختلفة في العصور والأجيال، فإن الذي لا شبهة فيه، إن خدمة المرأة في المسيحية بدأت منذ اللحظة الأولى في التاريخ المسيحي، وإن كانت قد أحجمت عن أن تأخذ في أغلب الأوضاع والعصور المركز القيادي المعطي للرجل، إلا أنها خدمت على نحو واسع بعيد عميق في كل المجالات، مما أشرنا إليه أكثر من مرة، وقد تفوقت في بعض النواحي والمجالات، على خدمة الرجل نفسه، ولعل من المناسب أن نلاحظ ههنا أن خدمة فيبي كما يقول الرسول بولس هي خدمة المساعد وليس القائد: «صارت مساعدة لكثيرين ولي أنا أيضًا».. وكما أنه من المناسب أن نلاحظ أيضًا، أن المرأة المسيحية عندما تمتليء بروح المسيح، وتخدم فإنها لا يمكن إلا أن تفعل هذا على أروع الصور وأجملها وأعظمها، ويكفي أن نرى ما أشار إليه الرسول وهو يتحدث في الأصحاح المذكور عن مثل هذه الخدمات العظيمة المجيدة المباركة أن فتريفينا وتريفوسا اللتين كما يرجح الكثيرون كانتا من أعلى الطبقات وأغناهن في ذلك العصر، عندما خدمتا أطلق عليهما الرسول : «التاعبتين في الرب» «وبرسيس المحبوبة التي تعبت كثيرًا في الرب» «ومريم التي تعبت من أجلنا كثيرًا» وغيرهن ممن أعطين أعظم صور وأبهاها وأمجدها في جلال الخدمة وعظمتها ومجدها، وهي تقدم في سبيل الله وخلاص النفوس خير الآخرين.

فيبي والمعاملة المسيحية

وآخر ما ننتهي به، ونحن نذكر فيبي، هو ما أوصى به بولس بصدد المعاملة التي ينبغي أن تعامل بها في روما من جانب المؤمنين والكنيسة هناك!! وهذه المعاملة فيما يبدو مثلثة الأركان، لها أساس، ومظهر، وامتداد.. فأساسها «في الرب» إذ أن معاملة المومنين بعضهم لبعض، ليست مجرد معاملة إنسان إلى أخيه الإنسان على ما يمكن أن تكون عله هذه المعاملة من جمال أو روعة أو جلال، بل أنها تعلو وتسمو على ذلك كثيراً جدًا، إذ هي معاملة المؤمن لسيده المسيح نفسه، ألم يقل السيد: «من يقبلكم يقبلني، ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني» «بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبما فعلتم!!» أما مظهرها فواضح من القول: «كما يحق للقديسين» أو في لغة أخرى هي معاملة قديس لأخيه القديس، ومع أن معاملة المؤمن للجميع ينبغي أن تتسم بروح الإحسان والجود والرفق والحنان والمحبة، إلا أن معاملته لأخيه المؤمن ينبغي أن تكون على درجة أخص وأجمل وأكمل.. أو كما قال الرسول في مرة أخرى:

«اعملوا الخير مع الجميع ولاسيما أهل الإيمان!..» فالحديث مع المؤمن يختلف ولاشك عن الحديث مع غير المؤمن، والاختلاط به، والاهتمام بأمره، والمشاركة معه في أهداف واحدة عظيمة متعددة، تتجاوز ولاشك كل ما يمكن عمله أو الوصول إليه مع غير المومنين! ومن ثم نلاحظ امتداد المعاملة والمعونة التي يمكن تقديمها في القول الذي أوصى به الرسول لفيبي: «وتقوموا لها في أي شيء احتاجته منكم» وهو هنا يشير إلى الفائدة المتبادلة بين المؤمنين إذ يقول: «لأنها صارت مساعدة لكثيرين ولي أنا أيضًا» أو في لغة أخرى، هي نوع من الشركة والوفاء ورد الدين، وعند التقديم ينبغي أن تعطي بكل فيض وسخاء، يمكن معها سد العوز ومواجهة الاحتياج.

ذهبت فيبي إلى المدينة الخالدة روما. وهي لا تعلم، عندما كانت تحمل الرسالة إلى أهلها، والوصية الخاصة بها، أنها كانت تقدم للأجيال أعظم كنز في العقيدة والتعليم المسيحي، وليس للرومانيين فحسب، وكانت تقدم في الوقت عينه النموذج المسيحي الواضح المجيد للأخوة، والخدمة، والتعاون المسيحي بين المؤمنين بعضهم والبعض مهما اختلفت أوضاعهم وظروفهم، تباينت وتلونت بيئاتهم ومجتمعاتهم، إذ هم أولاً وأخيرًا قبل وبعد كل شيء، أخوة في المسيح، وأخوة إلى الأبد، في كل زمان أو مجتمع أو مكان.

شخصية ( ليدية بياعة الارجوان ) من شخصيات الكتاب المقدس



ليدية بياعة الارجوان

«ففتح الرب قلبها لتصغي إلى ما كان يقوله بولس»

مقدمة

لست أظن أن في الوجود قصة أبدع وأجل وأجمل من قصة تجديد القلب البشري، قصة المعركة الخفية بين المسيح والشيطان، بين النور والظلمة، بين الحق والباطل، بين السماء والجحيم. هي القصة التي تقف الملائكة والشياطين جميعًا شهودها المترقبين القلقين المتحفزين، هي القصة التي تهتف لها ملائكة الله ويندب لها الشيطان وأتباعه وزبانيه الجحيم، من لنا بالقلم الخفي العظيم يقص علينا قصة كل قلب غزته نعمة المسيح؟ من لنا بمن يقص علينا أطرف قصة وأروعها!؟ قصة الأزلي يتعقب النفوس البشرية، قصة السيد يقف على الباب في حنان ولطف وعطف وصبر وجود، دون كلل أو ملل أو إعياء. سائلاً الدخول والضيافة والبقاء. كلنا نهيم على وجوهنا في هذا الكون لا نعرف راحة أو غرضًا أو معنى أو هدفًا منشودًا، كلنا على الجبال بين الشوك والضيعة والهلاك خراف ضالة يسعى وراءها الراعي العظيم، كلما جوابون أفاقون ضالون تمتد وراءنا في الأفق البعيد عينا الأب القلق الحزين تنتظر رجوعنا من أرض الجوع ومرعى الخنازير.. ها الابن في طريقه إلى العودة! وها الأب لا يكاد يصبر حتى يجيء، إنه بشوق عميق يسعى إليه ويركض للقائه إنه يحتضنه ويقبله ويلبسه الثوب والخاتم والحذاء، يذبح العجل المسمن والبيت كله يموج بالفرح والرقص والغناء.

قصة ليدية بياعة الأرجوان قصة جميلة نموذجية لسعي الله الحثيث وراء القلب البشري، السعي الذي لا يتعب أو يكل أو ينتهي، السعي الذي يسخر الشوق والتعب، المادة والعاطفة، الإنسان والطبيعة، الليل والنهار، النوم واليقظة، الخفي والمنظور، حتى يغزوه ويمتلكه،... منع الروح بولس من أن يوغل في آسيا ويتكلم فيها بكلمة الله، وبعث إليه وهو قلق مرتبك حائر لا يدري كيف يتوجه برجل مكدوني يستغيث: ان «اعبر إلى مكدونية وأعنا» وعبر بولس إلى هناك، عبر ليغزو القلب الأول في أوربا للمسيح، ومن جمال التوفيق أن يكون هذا القلب قلب امرأة لا رجل.

هذه هي المرأة التي أرجو أن نتأملها الآن من نواح ثلاث: المرأة التي فتح الرب قلبها، كيف فتح الرب هذا القلب، الثمار الحلوة لهذا القلب المفتوح.

المرأة التي فتح الرب قلبها

لست أدري لم هفا بالنفس وأنا أذكر ليدية أن أتذكر أنها أسيوية المولد شرقية؟ أهو نازع من نوازع الأثرة يهتف بنا نحن الشرقيين أن نفخر أن القلب الأول للمسيح في أوروبا كان قلبًا شرقيًا خالصًا محضًا؟ أم هي الحقيقة العظمى تتابعنا بفيض من الفرح والجزل عميق أن الشرق دائمًا أستاذ الغرب وملقنه الدين؟ على إنه ينبغي أن نذكر أيضًا في روح من الحق والامتنان أن الغرب قد رد الوفاء جميلاً في جيوش مرسليه العظام البواسل حين أصيب الشرق بمحنته الكبرى التي تركته في أشد ظلام وأتعس فوضى... ولا أنسى أيضاً أن ليدية لم تكن رجلاً بل امرأة، وأن ازدهار المدنية الأوروبية، يرجع قبل كل شيء وأول كل شيء، إلى أن المرأة فيها سبقت الرجل إلى معرفة المسيح، وستظل الكنيسة في أوروبا وسائر أرجاء المعمورة شامخة قوية موطدة الأركان طالما كانت المرأة فيها قبل الرجل ومن ورائه المسيح.. إنها عندئذ ستقدم لنا أنجب الأطفال وأكمل الرجال، بل إنها يومئذ ستنفث في كل شيء روحًا سحرية ماجدة عظيمة،... ولدت ليدية في مدينة ثياتيرا في مقاطعة تحمل اسمها، وكانت لثياتيرا شهرة بالغة في الصباغة وصناعة الحرير، ونحن نعلم من قصة الكتاب أن ليدية كانت تتجر في الارجوان لكننا لا نعلم شيئًا عن السبب الذي دعاها إلى هجرة بلدها والانتقال إلى فيلبي، ألأنها لم تصب حظًا أوفر من النجاح رجته في مكان آخر؟ أم لأنها كما يظن البعض قد قضى زوجها في ثياتيرا، فآثرت المرأة أن تبتعد ما أمكن ببيتها وتجارتها في المكان الذي فجعت فيه بوفاة زوجها، تتلمس شيئًا من الراحة والنسيان والعزاء،لا نعلم! الله وحده يعلم. كما ولا نعلم فيما أظن ماذا يقصد الكتاب بعبارة «أهلها» أهم أولادها وهل كان لها أولاد؟ أم هم خدمها؟ أم العمال المساعدون الذين كانوا معها في تجارتها؟

على مسرح الحياة تقف أمامنا هذه المرأة جريئة قوية باسلة لا تروعها غربة أو يهزمها بعد، أو يقهرها كفاح الحياة، فهي تنأى عن أهلها ومدينتها وعشيرتها لتطلب الحياة والتجارة في بلد بعيد، كما أنها كانت قوية التفكير بارعة الاقناع سديدة الحجة ولعلها قد اكتسبت الشطر الأكبر في هذه الخلة مما ألفته من التعامل التجاري مع الناس، فقد استطاعت بأسلوب جميل رقيق لبق أن تقنع بولس الأبي أن يدخل بيتها، ويخيل إلينا أيضاً أنها كانت قوية الشخصية من أولئك اللواتي يستطعن أن يفرضن شخصيتهن على الآخرين لا بالاستبداد والتحكم والعنف بل بسحر الإعجاب والجاذبية والتقدير، وهذا يبرز جلياً في تأثيرها على بيتها ومن معها، لأن الكتاب يبين أنها ما أن اعتمدت حتى اعتمد أهل بيتها معها، وهل ننسى أنها كانت امرأة كريمة فاض كرمها وتابع بولس أينما ذهب نسيم رائحة طيبة في المسيح يسوع.

كيف فتح الرب هذا القلب؟

نستطيع أن نفهم كيف فتح الرب قلبها اذا تأملنا في أمرين: الممهدات لهذا الفتح، طريق هذا الفتح.

الممهدات لهذا الفتح

وهذا يقتضينا رجعة قليلة إلى الوراء، هل كان حقًا وفاة زوجها أول نداء وجهه الله لهذا القلب، كما يريدنا أحد المفسرين ممن تناولوا شخصيتها أن نفهم؟ وهل كان الحزن ذلك الصوت القوي العميق الذي يرسله الله إلى نفوس الناس لينفض عنهم غبار المادة، وما يرين على قلوبهم من زهو وكبر واعتداد، هو أول رسول سماوي؟ أم أن نفسها كانت من تلك النفوس التي تستجيب لنداءات أعلى مما يبكي الناس ويدعوهم نداء السمو عن الاسفاف الذي هوى إليه الأمم، نداء الشبع والري الذي لا تجده في معبودات ثياتيرا وآلهتها وأصنامها.. الذي نعلمه أنها صدفت عن هذه الوثنية، ونزعت عن خرافاتها، وبحثت عن جناحين تحلق بهما إلى الإله العلي إله السماء: «قد جعلتنا لنفسك وقلوبنا لن تجد الراحة إلا بين يديك» هكذا صاح أوغسطينوس المتعطش إلى الله. ولقد وجدت - وعلى الأرجح جدًا في مدينة ثياتيرا - ما يرضي رغائبها وأشواقها في الديانة اليهودية فتهودت، وسارت في الحياة شديدة الورع متعبدة لإله إسرائيل، ولما ذهبت إلى مدينة فيلبي، وبحثت عن مجمع أو يهود يصلون فلم تجد - وقد كان التقليد اليهودي يجيز لعشرة من الرجال على الأقل أن ينشئوا مجمعًا، إذا جمعهم مكان ما، ويظهر أن فيلبي لم يكن بها هذا العدد - اجتهدت أن تجتمع كل سبت مع أترابها في مكان هاديء منعزل خارج المدينة على ضفة نهر حيث جرت العادة أن تكون صلاة، وحيث يسهل عليهن العبادة والاغتسال والتطهير، إلى هذا المكان جاء بولس، جاء ليغزو القلب الأول للمسيح في أوروبا، جاء ليضع قدم الفادي للمرة الأولى على الأرض الأوروبية العظيمة ومن استطاع أن يدرك عظمة هذه الساعة الخالدة في تاريخ أوروبا والغرب، من استطاع أن يستوعب ما فيها من بذرة الحق والنور والحرية والمدنية والخلود. هذا الرجل الصغير القزم المريض كما كان يحلو لرينان أن يدعوه أشعل في تلك اللحظة أوهج شعلة في تاريخ الحضارة والرقي الإنساني. على ضفاف هذا النهر حدثت معركة من أهم المعارك الحاسمة في التاريخ الروماني. المعركة التي وطدت أسس الإمبراطورية الرومانية العظيمة حين هزم اكتافيوس وانطونيوس بروتس وكاسيوس، لكن هذه الإمبراطورية رغم امتدادها وعظمتها، كان يطل عليها في الأفق البعيد وجه الريك القوطي الذي داس مجدها وهوى بعظمتها إلى التراب والحضيض.. أجل انتهت روما وتلاشى ذكرها بين الناس، وعفا الزمان على كاسيوس وبروتس واكتافيوس وانطونيوس وأباطرة الرومان أجمعين، وتبقى فقط على وجه التاريخ ذلك الرجل العظيم الهائل بولس، ورسالته التي غيرت معالم أوروبا، وشادت إمبراطورية أروع وأجل تتحدى البلى والفناء والانهيار.

طريقة هذا الفتح

ان لله طرقًا عجيبة في فتح القلب، ولعله لم يعامل أبدًا قلبين معاملة واحدة، فهناك قلوب صلدة صلبة، وأخرى هادئة وادعة ساكنة، هناك قلوب تهرع إلى الله مدفوعة بنداء الجمال، وأخرى تأتيه فزعة مروعة من مخاوف الموت، وهناك قلوب تأتي إليه لأنها تحن إلى السماء وموسيقى السماء ومجد السماء، بينما تقرب منه أخرى خوفًا من الجحيم وعذاب الجحيم ورهبة الجحيم.. تقترب منه بعض القلوب إذ ترى نورًا أبهر من الشمس يرهبها كبولس، وأخرى إذ تفزع من زلزال يروعها ويقض مضجعها كسجان فيلبي، وثالثة إذ يأتيها صوت عميق يناديها بتفاهة الدنيا وأوهامها وأباطيلها وغرورها... رأى الأخ لورنس شجرة يعمل فيها الذبول، تساقطت أوراقها وبدت جرداء، ففزع إذ رأى في هذه الشجرة صورة حياته تتجرد من كل جمال، فقدم نفسه لله ليضحى شجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل، وكل ما يصنعه ينجح، أجل هناك ملايين الوسائل المختلفة التي يستعملها المولى في جذبنا إليه، فأي طريقة بلغ بها قلب ليدية؟ استعمل لوقا في الكلمة «فتح» لفظا فريدا انفرد به وحده في العهد الجديد، والكلمة تعني في الأصل «حل» أو «سرح» أو «فصل» ولعلك قد رأيت الصوف أو الشعر المتشابك يشط ويسرح ويرتب، هذا هو المعنى الدقيق للكلمة. كانت الحقائق أمام ليديه مختلطة يأخذ بعضها برقاب بعض، فجاءها بولس ليفصل بين الحق والباطل، بين النور والظلمة، بين القبح والجمال جاءها بولس ليرسم لها الطريق الفاصل بين الله والشيطان، وما أن وضح أمامها هذا الطريق حتى سارت وراء الله، وآمنت واعتمدت.

لعل صديقنا القديم الذي هتف: «امتحني يا الله واعرف قلبي. اختبرني واعرف أفكاري، وانظر إن كان في طريق باطل واهدني طريقًا أبديا». كان رجلاً يحس صعوبة الفصل بين مسالك الموت وطرق الحياة، بين مواقع النور وأوضاع الظلال. نورًا أكثر!! تلك صرخة جوتة في ضجعة الموت. وهي أبدًا صرخة النفس البشرية الفزعة المروعة في دنيا الأشباح والظلام، الدنيا التي تلبس القبح ثوب الجمال، وتعلو بالرذيلة على هامة الفضيلة، وتضع للشر والأثم والفساد والطمع والحقد وما أشبه من الرذائل أسماء ذاهية ماجنة خليعة، وفي الوقت عينه تلقي بالمحبة والبر والطهارة والخير والوداعة واللطف واليثار والإحسان وكل فضيلة تحت أقدام الأشرار المستهزئين العابثين الدائسين.. ما رسالة المسيحية لدنيا كهذه؟ هي رسالة بولس التي أجملها السيد له وهو على أبواب دمشق: «لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع القديسين» ولقد كشفت هذه الرسالة الأوضاع الحقيقية للآلاف والملايين من الناس، فجعلتهم ينحون مع تشارلس كنجسلي لحكمة وعظمة الثالوث الأقدس، ويتمشون في سفوح الجبال مع وردثورت كمن يتمشى مع الله في معبد، ويصيحون مع صموئيل رزر فورد: إن العالم كله لا يقوم في ضوء النفس الخالدة بأكثر من مليمين. ويغنون مع يوناثان ادواردز لكل جميل في الطبيعة لأنه خلق بابن الله ولمجده، ويصرخون في حزن وألم مع نيوتن وهويتفيلد واسبرجن ومودي والجنرال بوث والوعاظ قديمًا وحديثًا لأجل خلاص الآخرين وفداء النفس البشرية.

الثمار الحلوة لهذا القلب المفتوح

وما أجمل حقًا هذه الثمار وأسرعها وأنضجها وأكملها، إنها لم تظهر فقط في أهل بيتها الذين ترسموا خطى إيمانها فتبعوها، بل في كونها أيضًا قد جعلت من بيتها مكان الاجتماع والعبادة وحين خرج بولس وسيلا من السجن ذهبا إلى هناك ووجدًا الأخوة مجتمعين، كما أنها لفرط تعلقها بالله تعلقت بخدامه، جاهدت مع بولس ورفاقه حتى أقنعتهم بقبول ضيافتها، وأظنه من المفيد والطريف معاً أن نتذكر أن الكلمة «فألزمتنا» المعبرة عن ضيافة ليدية، وردت مرة أخرى فقط في العهد الجديد حين جاهد تلميذا عمواس في اقناع السيد بأن يمكث معهما «فألزماه قائلين امكث معنا لأنه نحو المساء وقد مال النهار» وهل قصد الوحي بهذا أن يرينا صورة حلوة للضيافة بالنسبة للضيف والمضيف معًا، أن بولس كان سيده أبيًا عزيز النفس رقيق الشعور دقيق الإحساس، وهو يرهق نفسه ويثقل عليها حتى لا تبدو - أو على الأقل يظن - أنها ثقيلة على الآخرين، وفي الوقت ذاته نرى ليدية كتلميذي عمواس تعبر عن روح الضيافة الحقة التي يجب أن تسود أتباع المسيح وتلاميذه جميعًا. كانت ضيافتها ضيافة النفس الكريمة الملحة المشوقة التواقة إلى استجابة طلبها كما أنها لم تحسب هذه الضيافة تفضلا منها بل امتياز لها: «إن كنتم قد حكمتم أني مؤمنة بالرب فادخلوا بيتي وامكثوا». لقد اعتقدت أن قبول بولس دخول بيتها مغنم كبير لها وبركة لا تعوض.. أجل أنها لم تكن تنظر إلى الرسول بل إلى ما ورائه. إلى الرب الذي تكرمه في شخص رسوله.. ما أحوجنا كشرقيين ومسيحيين معًا أن نستعيد هذه الروح التي أخذت للأسف تذبل وتتلاشى بفعل المدنية الغربية وتأثيرها فينا.

لا أود أن أختم الحديث عن ليدية دون أن أذكر أنها ومدينتها أشتهرتا بروح السخاء في العطاء والتوزيع. كان القلب الفيلبي أفضل القلوب وأكرمها من هذه الناحية. لقد عبر عن شكره لله بما يعد في الواقع المقياس الحقيقي للحياة المتعبدة. بتقدمة المال.. وها نحن نرى بولس يذكرهم بكل ثناء في ختام رسالته إليهم: «ثم أني فرحت بالرب جدًا لأنكم الآن قد أزهر أيضاً مرة اعتناؤكم بي الذي كنتم تعتنونه وأنتم تعلمون أيها الفليبيون أنه في بداءة الإنجيل لما خرجت من مكدونية لم تشاركني كنيسة واحدة على حساب العطاء والأخذ إلا أنتم وحدكم. فإنكم في تسالونيكي أيضًا أرسلتم إلى مرة ومرتين لحاجتي، ليس أني أطلب العطية بل أطلب الثمر المتكاثر لحسابكم ولكني قد استوفيت كل شيء واستفضلت. قد امتلأت إذ قبلت من ابفرودتس الأشياء التي من عندكم نسيم رائحة طيبة وذبيحة مقبولة مرضية عند الله. فيملأ إلهي كل احتياجاتكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع ولله وأبينا المجد إلى دهر الداهرين. آمين»...

شخصية ( الأرملة ذات الفلسين ) من شخصيات الكتاب المقدس

الأرملة ذات الفلسين

«فجاءت أرملة فقيرة، وألقت فلسين قيمتهما ربع...»

مقدمة

قال أحدهم إن المسيحي المعطي واحد من ثلاثة، فهو أما ينبوع لا يملك إلا أن يفيض دون أن تطلب منه أو تلحف أو ترجو، أو أسفنجة لا يمكن أن تأخذ منها إلا إذا عصرتها عصرًا، أو حقيبة مغلقة، مهما فعلت لا تستطيع أن تصل إلى ما فيها، إلا بالمفتاح البعيد عن متناول يدك أو تمزيقها، ومع أن هذا كله حق تمامًا، الا أننا يمكن أن نضيف إلى الثلاثة، نوعًا آخر رابعًا من المعطين، ربما هو أفضلهم وسيدهم جميعًا وهو الذبيحة، التي قد تقطع من اللحم الحي كما يقول التعبير الشائع، أو هي في تعبير أدق وأصح، اللحم الحي كله يقدم قربانًا على المذبح، ويكون في منظره العظيم، أشبه بالصورة القديمة، لاسحق يقدمه أبوه فوق حطب المحرقة، والسكين في يده، مع هذا الفارق البعيد، أن اسحق وجد الفدية، في الكبش الممسك بقرنيه في الغاب، الأمر الذي وجدناه جميعًا، في ذاك الذي علق على هضبة الجلجثة من أجلنا أجمعين. أما المعطي، الذي يعطي حياته، وقوت يومه، ومعيشته الكاملة ويقبل أن ينام على الجوع أو العري أو الطوى، فهو ذاك الذي يشعل في الذبيحة، حتى تحترق بكاملها وتصعد على المذبح الإلهي المقدس، بخورًا ورائحة ذكية، مقبولة أمام الله والناس.

ولعل الأرملة ذات الفلسين، التي رآها المسيح ذات يوم في هيكل الله، وهي تقدم فلسيها، كانت هذا النوع من المعطين، وكانت النموذج العظيم الرائع، الذي لفت به المسيح نظر الأجيال كلها، وحيث يرى الله التقدمة في أروع صورها أمام عينيه، وإن لم تكن هكذا بالضرورة أمام ادراك الإنسان أو فهمه أو استحسانه، ومن الحق أننا لسنا في حاجة إلى المعيار البشري الناقص في فهم العطاء، بقدر حاجتنا إلى الرأي الإلهي الصحيح، أو المصحح، لمعنى العطاء عند الله، ومن هنا كانت قصة هذه الأرملة الفقيرة أشبه بالمصباح الهادي أو المشتعل المضيء، لم يريد أن يتعلم كيف يعطي أو يقدم أو يبذل بين الناس... ومن ثم يمكن أن نراها بعد ذلك فيما يلي:

الأرملة الفقيرة وشخصيتها

لسنا نعلم في القليل أو الكثير عن هذه الأرملة سوى بضعة سطور جاءت في إنجيلي مرقس ولوقا، والمسيح يتحدث عنها، عندما وقف تجاه الخزانة، يراقب من يعطون في صندوق الله، من عطايا قلت أو كثرت على حد سواء، ما اسمها! لا ندري!! ومتى مات زوجها! لا نعلم!! وهل كان لها ولد أو بنت أم كانت وحيدة؟ في مسكنها أو كوخها، إن صح أنها كانت تملك مسكنًا أو كوخًا! وهل كان لها أخ أو أخت أو قريب! كل هذه أسئلة قد لا يقطع الإنسان بالجواب فيها، غير أنه مما لا شبهة فيه، أنها كانت فقيرة غاية الفقر، وربما لم يكن يوجد في مدينة أورشليم كلها من هو أقفر وأكثر عوزًا وحاجة منها على وجه الإطلاق، وقد كشف الوحي عما كانت تملك من رصيد وهما الفلسان، وقيمتهما ربع، أو ما يقرب من الخمسة مليمات في العملة المصرية، وقد شهد المسيح أن هذا كل ما عندها كل معيشتها، ولم تكن المرأة في غاية الفقر فحسب، أكثر من ذلك كانت منكوبة، إذ مات زوجها، وعرفت طعم الترمل ومرارته وقسوته، على أن المرأة الفقيرة الأرملة، كانت مؤمنة بالله، تعرف طريقها إلى الصلاة في بيت الله، والتقدمة والعطاء لإلهنا رغم ما هي عليه من شدة حاجة، أو قسوة عوز، أو ضيق ذات اليد، على صورة نادرة بين الناس، ولا أتصور قط أنها وهي تقترب من صندوق العطاء، وهي تدرك أن المعطي المسرور يحبه الله، كانت تحمل وجهًا عابسًا، أو بائساً، أو متذمرا، بل لعلها على العكس كانت تتقدم بالوجه المضيء الطلق الممتليء بالإيمان بالله، والرضى بأعماله، والتشبع بالشركة الدائمة معه، مهما كانت الظروف والأحوال المتنوعة والمختلفة المحيطة بها!.

الأرملة الفقيرة والمسيح الجالس تجاه الخزانة

جلس المسيح تجاه الخزانة، وكانت تقع في دار النساء في الهيكل، وبجانبها دار الأمم، حيث كان يتسع المكان في هذه البقعة وحدها إلى خمسة عشر ألفاً من العابدين، ولا أعلم لماذا قصد المسيح، بهذه الأرملة، ومعها، أن يحول أنظارنا إلى هناك، حيث وضع ثلاثة عشر صندوقًا، يقدم فيها المعطون عطاياهم لله، الذي أعلمه على أية حال، أن يسوع كما يقول الكتاب في إنجيل مرقس: «جلس تجاه الخزانة، ونظر كيف يلقي الجمع نحاساً في الخزانة...»

أو في لغة أخرى أنه جلس وهو قاصد أن يراقب كيف يعطي الناس عطاياهم لله، أو جلس وهو يريدنا أن نعلم أننا لا يمكن أن نعطي بعيدًا عن عينيه الفاحصتين المدققتين المراقبتين، مهما كبرت أو صغرت عطايانا على حد سواء.

ولكن لماذا يهتم المسيح بمراقبة المعطين، إلى هذا الحد الدقيق العظيم من المراقبة، لا شبهة في أنه يفعل ذلك، لأن المال يلعب دوره الأعظم في حياة الناس في كل زمان ومكان، فهو الذي يكشف عن أخلاق الناس وأفكارهم وطباعهم ربما بكيفية لا نستطيع أن نجدها في مكان آخر أو مجال آخر، وقد قيل عن رجل بخيل أن نبضه كان يرتفع وينخفض تبعًا لأخباره المالية، ولم يأكل ولو لقمة صغيرة من الخبز إلا على حساب الغير، وقد نجح كما كان يزعم في جمع أموال طائلة، ولكن نجاحه، كان هو الفشل بعينه، وما أكثر الكثيرين في الأرض الذين وهم يسيرون سيرة هذا الرجل عاشوا أبشع حياة أنانية، لم تكن ضارة لحياتهم هم فحسب، بل كانت وبالا ودمارًا وخرابًا على الآخرين أيضًا من بني الإنسان.

ومن الجانب الآخر ليس هناك من نية يمكن أن يتحدث بها الإنسان لمجد الله أو للآخرين قدر التصرف الكريم في المال مع القريب أو البعيد على حد سواء، ألم تسمع عن ذلك الغلام الصغير الذي كان يسير مع أبيه وأخته، وقد ركبوا قاربًا ينساب على مياه الدانوب متجهًا إلى فينا عاصمة الإمبراطورية النمساوية في ذلك الحين، وكان الغلام في ذلك الوقت في العاشرة من عمره، وكانت أخته في الثانية عشرة، وكان أبوهما رجلاً فقيرًا يرأس فرقة موسيقية متنقلة وكان مرتب ضيئلاً جداًَ، لم يتح له أن يوفر شيئًا مما يريده لولديه الصغيرين، ونظر الغلام الصغير إلى فستان أخته، وقد عصره الألم وهو يقول لأبيه: كم أود يا أبي أن تشتري فستانًا جديداً، لأختي ماريان، فقد سمعتها تصلي طالبة أن يعطيها الله مثل هذا الفستان، ولاح الألم على وجه الأب، وأسرعت الفتاة الصغيرة ماريان توبخ أخاها الذي سبب لأبيه هذا الألم النفسي الكبير وهي راضية قانعة بفستانها القديم. وزاد الطين بله، أن رجال الجمارك طالبوا الأب بضريبة على القيثارة التي يحملها، وحار الأب ماذا يعمل؟ فما كان من الغلام إلا أن أسرع وأمسك بالقيثارة وأجرى عليها يده، وإذا هي تعزف أروع الأنغام وأجملها، وإذا برجال الجمارك يجتمعون معًا، إذ لم يسمع واحد منهم مثلما سمعوا في ذلك اليوم، ورفضوا أن يأخذوا شيئًا، قائلين: إن الغلام الذي يستطيع مثل هذه الألحان، يستحق أن يكافأ، وقالوا للأب، نحن لن نأخذ منك مالا، والمال الذي تدفعه، اشتر به شيئًا لهذا الغلام العظيم، واذا بالغلام يصيح: لا يا أبي.. اشتر به الفستان لأختي ماريان، ولمعت عينا مفتش الجمرك بالدموع وهو يقول: ياله من ولد مدهش.. ماهر وطيب أيضًا، وأجاب الوالد بصوت عميق، نعم لقد كانت رغبة قلبه أن يشتري فستانًا لأخته، وهو الآن أسعد ما يكون إنه استطاع، كان هذا الغلام هو الذي عرفه العالم فيما بعد بالموسيقي العظيم ولفانج موزار! أجل وليست هناك موسيقى يمكن أن تعدل موسيقى البذل والتضحية، التي يقدمها الإنسان مما يأخذ أو يملك من مال، في مساعدة الآخرين، وخدمتهم، والقيام بأجمل وأعظم المشروعات لمجد الله وخير الإنسانية، أجل ما أعظم ما يفعل المال عندما يحسن البشر استخدامه.

الأرملة الفقيرة وكيف تفوقت بتقدمتها على الآخرين

ليس من العجيب أن يضع المسيح هذين الفلسين في كفة، وجميع المتقدمات والعطايا التي تقدم بها الآخرون وهي كما يشهد الكتاب كانت كثيرة، في كفة أخرى، ومع ذلك رجحت كفة الفلسين على عطايا الأخرين!! كيف يكون هذا؟ وما هو السر في ذلك، وعلينا أن ندرك بادي ذي بدء أن الحساب عند الله يختلف تماما الاختلاف عن الحساب عند الإنسان، فليس المهم عند الله الكم بل الكيف، والمادة بل الروح، وقد تميزت عطية الأرملة الفقيرة على الآخرين بالكثير الذي نذكر بعضه.

أولاً: أن هذه الأرملة عندما ألقت كل معيشتها، كل ما عندها كشفت عن جلال وعمق وعظمة اعتمادها الكبير والكامل على الله، فهي وإن كانت لا تملك بعد ذلك شيئًا فإنها إذ تملك الثقة الكاملة الموطدة بعناية الله تملك كل شيء، أو هي كما يصف الرسول، وصفها بالقول: «ولكن التي هي بالحقيقة أرملة ووحيدة فقد ألقت رجاءها على الله وهي تواظب الطلبات والصلوات ليلاً ونهاراً»، أليس هذا عين ما يذكره السيد، وهو يطلب من المؤمنين، وهم بصدد القلق أو التفكير أو الانشغال أو الاهتمام بالمأكل والمشرب واللباس: «انظروا إلى طيور السماء أنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها ألستم أنتم بالحري أفضل منها»؟ أجل ويكفي المرأة أن ترفع عينيها كل صباح إلى الطائر الذي يضرب بجناحيه هنا وهناك في الأعالي، لتعلم بأن الله الذي لا يمكن أن يتركه دون طعام، هيهات أن يتركها وهي أفضل عنده، ليس من هذا الطائر وحده، بل من جميع الطيور التي تطير على وجه البسيطة مجتمعة معاً، على أن الأرملة الفقيرة تكشف أكثر من ذلك، وهي تقدم فلسيها لا على روح الثقة واليقين والاعتماد على الله فحسب، بل على أعظم روح من القناعة والشكر، هيهات أن تعرف عن واحد من الأغنياء الذين قدموا عطاياهم في ذلك اليوم أو عند جميعهم دون وجه استثناء على الإطلاق، إن هذه المرأة الفقيرة تذكرنا بأرملة أخرى كاد ولداها الصغيران يتجمدان من الصقيع والمطر المنهمر، في ليلة من الليالي، ولم يكن لها ما يمكن أن تدفع به عنهما ما يعانيان سوى أن تخلع بابا داخليًا، وتجعل منه حاجزًا وستاراً .. وقال واحد من الولدين بلغة البساطة والقناعة والحمد: يا أمي ولكن ماذا يفعل الأولاد نظرينا الذين ليس لهم مثل هذا الباب الحاجز الخشبي، وهكذا عرف الصغير - مثلما عرفت الأرملة - التي لاشك شكرت الله مرات متعددة على اللقمة اليابسة، وعلى ما يعطيها المولى من عطايا وإحسانات وبركات مهما كانت محدودة وقليلة وضيئلة.

على أن المرأة أكثر من ذلك عندما أعطت لم يكن لديها ما تبقى، فهي لم تقف عند حد العشور أو النصف، أو ما هو أكثر من النصف، إذ أعطت كل شيء دون تحفظ أو اضطرار أو شكوى أو ضيق، وما أكثر ما لا يفهم الناس، هذه الحقيقة، فيقولون مع ذلك الرجل الغني، الذي إذ طالبوه أن يدفع لمشروع ديني، قال سأدفع فلسي الأرملة لتي طوبها يسوع المسيح... فقال له الطالب، ولكن ما رأيك في أننا لا نطلب منك ألا نصف ما دفعته هي وسأله: كم ثروتك فأجاب: أنها سبعون الفًا من الدولارات فقال له: إذن ادفع خمسة وثلاثين ألفًا لأن المرأة ألقت كل ما عندها كل معيشتها.

وهل يعلم الناس آخر الأمر أن هناك فرقًا حاسمًا بين الذبيحة والفضلة.. إن الذبيحة عند الله أقدس وأكرم مهما كانت قيمتها الواقعية من أي فضلة أو بقايا يمكن أن يعطيها الناس مهما أعطوا أو قدموا أو تبرعوا!.. وهي في الواقع أرقى وأجل وأسمي من كل عطية أخرى قد تعطى، وليس فيها القليل أو الكثير من شائبة الفخر أو المباهاة أو التعظم أو الرياء، بل لا تعدو الحقيقة أن نقول إنها أقدر على هز الوجدان البشري من أصوله وأساسه، من أغلى وأعظم العطايا التي يمكن أن يقدمها الناس الأغنياء في هذه الأرض الضخمة والكبيرة، التي كان من الممكن ألا تظهر إلى عالم الوجود، أو تنتصر على الأزمات المالية المروعة القاسية، لولا هذا الفلس القديم يظهر مرة أخرى بهذه الصورة في تبرع من معدم أو عطاء من فقير، كمثل ما قيل عن بائعة فقيرة معدمة، تجلس على قارعة الطريق، تفرد أمامها كومة صغيرة من حبات أبي فروة، وكانت تحصل على قوت يومها مما تبيعه، وهالها أن تسمع حديثًا مقتضبًا تحدث به مرسلان دون أن يقصداها عن ضرورة غلق عمل الله في الكثير في الميادين والبلاد للعجز المالي القاسي المتواصل في تلك الأيام، وقالت المرأة للمرسلين في فزع بالغ: ليس عندي ما أستطيع أن أساهم به في تسديد هذا العجز، وكل ما عندي هو هذه الحبات من أبي فروة واني أضعها كنصيبي الضعيف، من تبرع، أرجو أن تقبلاه، وليس يضيرني أن أمتنع عن الطعام، أو أصوم يومي، إذا كنت أوفر بذلك ما يمكن أن أقدمه من معونة لعمل الله ورسالته ومجده حيث يقوم العمل في الداخل والخارج على حد سواء، واهتز الرجلان وهما يحملان حبات أبي فروة، وفي الاجتماع العام للعمل المرسلي، ذكر حديث المرأة الفقيرة المسكينة التي ترفض أن تأكل ليسير عمل الله ويتقدم، وقبل الجميع، وهم يسمعون عن هذه الذبيحة الكريمة النبيلة العظيمة، أن تباع حبات «أبو فروة» بينهم في مزاد علني، وقيل أن الواحدة منها بيعت بخمسة آلاف من الجنيهات، وقدمت المرأة الفقيرة المسكينة وهي لا تدري أكثر من جميع الأغنياء الأغنياء المتبرعين مجتمعين معاً، وتحقق ما قاله السيد المسيح بالحرف الواحد عن الأرملة الفقيرة القديمة التي ألقت فلسيها، وعلى الصورة المذهلة التي لم تكن تخطر على بال أحد.

فإذا عجز الإنسان عن أن يبعد الصورة الرائعة العظيمة، وإذا فعل ما فعله بعض الناس عندما كان يقرأ واحد من الرجال قائمة المتبرعين لمشروع ديني كبير في كنيستهم وكان كلما ذكر رقمًا كبيرًا عظيمًا لإنسان كبير يدوي تصفيق المستعمين الحاضرين، حتى جاء إلى رقم متواضع صغير تقدم به متبرع فقير معوز، ولم يهتم أحد للأسف بالتحية والتصديق، والراعي يعلم عن يقين أن المتبرع ألقى بفلسين في العطاء دون أن يعلم أحد!! سكت قليلاً ثم صاح: اسمعوا!! اسمعوا! أني أسمع تصفيقاً.. إنه تصفيق اليدين المثقوبتين!! وسعيد حقًا ذلك الإنسان الذي تصفق له يدا المسيح، علم الناس بذلك أم لم يعلموا على حد سواء.


شخصية ( المرأة نازفة الدم ) من شخصيات الكتاب المقدس

المرأة نازفة الدم

«وإذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة جاءت من ورائه ومست هدب ثوبه....»

  

مقدمة

عندما كتب فيكتور هوجو قصة البؤساء هز وجدان العالم بالتعاسات والآلام التي يعانيها المعذبون في الأرض، وقد لا يعلم الكثيرون أن فيكتور هوجو وهو يكتب هذه القصة كان يكتب من ذوب نفسه، إذ أنه كتبها في منفاه بعيداً عن وطنه، واللمسة الرائعة في هذه القصة، ليست في التصوير العظيم البارع لجان فالجان المجرم الذي لم يزده السجن إلا إجرامًا فوق إجرم، بل في الحنان والرقة والتسامح والمحبة التي انتصرت وحدها على نزعة الإجرام، وغيرت حياة المجرم العنيد، أو في لغة أخرى أن فيكتور هوجو حولنا من المجرم التعس البائس إلى خادم المسيح الذي أنقذه من الوهدة التي تردى فيها، الخادم الذي ترسم روح سيده، وعلم جان فالجان نفسه عندما تحول إلى إنسان آخر كيف يقبل البصق على وجهه ظلمًا، وهو يهتم بالآخرين ويساعدهم!!.. في الحقيقة أن المسيح وحده هو زعيم البؤساء في الأرض وصديق المنكوبين والتعساء والمتضايقين والمتألمين والمنبوذين بين الناس، أو في لغة أخرى هو صديق من لا صديق له، وقد كانت النازفة الدم، واحدة من هؤلاء، إذ كانت معدمة فقيرة محطمة من مرضها الذي لازمها اثنتي عشرة سنة، وبحكم الشريعة، مثل جان فالجان، عندما خرج من سجنه، ولم يقبله أحد في بيته، كان عليها أن تعيش منبوذة لا من الناس، بل من أقرب الأقربين إليها، كانت تنزف من كل جانب من حياتها، ومد المسيح يده إلى المرأة البائسة وأوقف النزيف المادي، والمعنوي، وأعاد إليها الحياة في كل مجال وصورة، وهو يفعل هكذا  على الدوام مع البؤساء الذين ينشدونه ويطلبونه في السر والعلانية، ومن ثم سنرى المرأة فيما يلي:



النازفة الدم ومن هي

لعل نازفة الدم كانت واحدة من القليلات من النساء اللواتي لا يدرك الناس مدى ما عانت من بؤس أو وصلت إليه، ولو أن رسامًا أراد أن يرسم صورة لها، ترى ماذا كان يفعل؟ أنه أول كل شي ، كان سيرسم صورة امرأة نحيفة غاية في النحافة، بل لعله كان يرسم امرأة هي أدنى إلى الحطام منها إلى صورة امرأة تعيش بين الناس، هل تستطيع أن تتصور معي امرأة تنزف باستمرار لمدة اثنتي عشرة سنة، دون أن تكون جلداً على عظم، أو وجهها ذابلاً، ترسم عليه كل علامات البؤس واليأس والألم والمشقة، ناهيك بالعذاب الذي كان تعانيه يومًا وراء يوم من ضعفها الرهيب والآلام التي لا تتركها ليل نهار، وكانت عن يقين وهي موزعة بين الحياة والموت، تؤثر في ضيقها وضعفها أن تستريح بالموت من الألام، ان خيل إليها أن هناك راحة بعد الموت، كما يتصور الكثيرون الذين يطلبونه عندما يشتد بهم الضيق، وتزداد في حياتهم التعسات...

لم تدخل هذه المرأة بيت يايرس، حيث تجتمع قصتها وقصة ابنته في وقت واحد ولكن الحياة الساخرة، تجمع صورتين متناقضتين تماماً، على اقتراب الزمان والمكان، فبينما عاشت ابنه يايرس لمدة اثنتي عشرة سنة تملأ البيت ضحكًا وبهجة وسعادة وسرورًا، يزحف الألم بثقله وكلكله على هذه النازفة الدم، طوال هذا الوقت بعينه، ليجعل حياتها قسوة وألمًا وعذابًا لا يوصف، وبينما تؤخذ الحياة من ابنه يايرس، قبل موعدها، ومن دون رغبة في الموت، والإلحاح في الابتعاد عنه، تعطي الحياة  تعسة بائسة لمن تتمنى ألا يترك فيها رمق لعلها تستريح وتريح!! أجل! وهذا لغز الحياة في الأرض، اللغز الذي جعل أيوب يهتف حائرًا في بلواه وتعاساته: «لم يعطي لشقي نور حياة لمري النفس الذين ينتظرون الموت وليس هو ويحفرون عليه أكثر من الكنوز المسرورين إلى أن يبتهجوا الفرحين عندما يجدون قبرًا»...

على أن المرأة عانت أكثر من نزف الحياة في صحتها، إذ ضاع مالها، ونزفت ثروتها بالكامل، وهي تنتقل من طبيب إلى طبيب باحثة عن العلاج، الذي عز ولم تجده، وأغلب الظن أنها كانت غنية ميسورة الحال، يصفها الكتاب بالقول: «أنفقت كل ما عندها» ولنا أن نتصور الفقر يضم إلى المرض، وكلاهما رهيب ومخيف ووبيل، على أن ما هو أسوأ من هذا كله، ما عانته من المجتمع الذي كانت تحيا وتعيش فيه إذ أن نزف الدم بحسب الشريعة، كان يعتبر نجاسة وفساداً، وقد أضاف إليه التقليد اليهودي، وفق جماعات الفريسيين والمتزمتين نتيجة الخطية التي يرتكبها الإنسان، إنها إعلان غضب الله على النازفة، ومن ثم يلزم أن تطرد هي والأبرص على حد سواء وهي نجسة في كل ما تلبس أو تلمس، وهي منجسة أيضاً لمن يلسمها أو يحتك بها،... وهي لا تطرد من العيشة مع الناس فحسب بل أكثر من ذلك، تطلق من زوجها وتفصل عن أولادها، وأعز الناس وأقربهم إليها... وهل لك بعد هذا أن تتصور مدى البؤس الذي كانت تعانيه، والوحدة القاتلة التي كانت تعيش فيها، والآلام المبرحة جسديًا ونفسيًا وروحيًا التي كانت تسيطر عليها، هذه هي المرأة النازفة الدم، والبائسة، التي كانت تتجه في بؤسها إلى صديق البؤساء وسيد المتألمين والمعذبين في الأرض!!.



النازفة الدم والأطباء

كانت قصة هذه المرأة طويلة مع الأطباء طوال اثنتي عشرة سنة، وقد انفرد مرقس في حديثه عنها، بأنها لم تنتفع شيئًا، بل صارت إلى حال أردأ، وما من شك بأن المريض في العادة Yذا طال مرضه، إنما يتراجع على الدوام لنقطة الأردأ، واذا كان مرضه ميئوسًا منه، فإن آلامة النفسية تضاعف وهن الحياة ورداءتها عنده، ولا يغرب عن البال، أن الطب وإن كان قديم التاريخ، فالآثار تتحدث إلينا عن معرفة المصرية له، قبل عام 2500 قبل الميلاد، كما أن البابليين قد وضعوا عام 2000 قبل الميلاد القوانين والأصول التي يسير عليها الأطباء في العلاج والجراحة، كما أن الهندوس القدامي في الهند كانوا علي درجة ما من معرفة معالجة بعض الأمراض، ولعل المصريين كانوا أول من استخدم الأعشاب الطبية في كثير من الحالات التي واجهتهم عند المرض، وإن كان قد سرى في القديم في عصور مختلفة من التاريخ العقيدة بارتباط المرض بعمل الشياطين!!..

ومع أن هناك كثيرين من الأطباء القدامي الذين برعوا في العلاج إلا أنه من العجيب أن كتاب المشنا عند اليهود، جاء فيه أن جميع الأطباء يستحقون جهنم، ولعل هذا قد ذكر نتيجة للكثيرين الذين كانوا أدعياء على الطب أو دخلاء فيه، ممن كانوا همهم نزف أموال المرضى، أكثر من أعطائهم القوة والحياة والصحة، ومن ثم كان الكثيرون من المرضى يصيرون فعلاً إلى حال أردأ في كل شيء!!. على أن الكتاب على الأغلب، كان وهو يعرض هذه القصة يريد أن يشير إلى المعنى الروحي الأعمق إلى إفلاس الإنسان المريض، وهو يبحث عن أطباء يمكن أن يشفوه، فلا يصل معهم وبهم إلا إلى حال أردأ، فهناك طبيب المسرات العالمية، التي يبحث عنها الكثيرون ممن يظنون أن علاجهم في اللهو والطاس والكأس والملاهي.. ولقد قيل أن طبيبًا نفسيًا ذهب إليه واحد يشكو من الكأبة والسويداء، وبعد أن فحصه فحصًا دقيقًا قال له عليك بالإضافة إلى كل ما أعطيك من علاج، أن تجد راحتك في ملهى معين، يذهب إليه الكثيرون ليقضوا أوقاتًا مع ممثل عظيم، يضحكهم ويلهيهم، ولم يدر الطبيب أنه كان يخاطب هذا الممثل بعينه، والذي لم يكن قد عرفه من قبل، سوى مما يسمع عنه أو يذكره الناس،... أبصر أحدهم عامل المصعد يغني صاعدًا ونازلاً  بالذين يصعدون وينزلون معه من البشر، وقال له أحدهم: «يبدو يا أخي أنك مبتهج وجد سعيد، لأنك تغني هكذا على الدوام»!! وقال له الآخر: «ياسيدي إنني أغني لأني أريد أن أمنع نفسي من الصراخ» نعم ان الباحثين عن طبيب المسرات يجدون أنفسهم آخر الأمر وقد وصلوا إلى حال أردأ!! وهناك طبيب المال، أو بتعبير أدق محبة المال، إذ يظنون أن علاجهم في القضاء على الفقر، هو تكديس الذهب والمجوهرات عندهم، ونحن نرى الناس في كل مكان في الأرض، تركض وراء هذا الطبيب بالظن أن له القدرة أن يحقق السعادة لبني الإنسان، ولكنهم نسوا أن مع هذا الطبيب سكينًا حامية غريبة، يطعن بها كل من يأتي إليه أو يلتصق به أو يتعبد له، وحق لذلك للرسول أن يقول: «لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة»... حقًا أن العلاج مع هذا الطبيب وصل بالمريض إلى حال أردأ.. وهناك طبيب آخر كثيرًا ما يخدع الناس بما يقدم من صنوف المعرفة والإدراك والفهم.. ونعني به طبيب العلم... والناس يعتقدون أنهم كلما ازدادوا نورًا ومعرفة وعلمًا، كلما أمكنهم التغلب على مشاكل الحياة، ومتاعبها، وآلامها، وضيقاتها ومآسيها، ولكن سليمان يرينا كيف يئس من الحكمة نفسها حتى بلغ درجة التساؤل: «فقلت في قلبي كما يحدث للجاهل يحدث أيضًا لي أنا وإذ ذاك فلماذا أنا أوفر حكمة فقلت في قلبي هذا أيضًا باطل لأنه ليس ذكر للحكيم ولا للجاهل إلى الأبد كما منذ زمان كذا الأيام الآتية الكل ينسى وكيف يموت الحكيم كالجاهل. فكرهت الحياة لأنه رديء عندي العمل الذي عمل تحت الشمس لأن الكل باطل وقبض الريح»... أجل ومن المثير حقًا، أن أكثر الناس عذابًا في الأرض هم العلماء الذين أوغلوا في المعرفة والإدراك والعلم ووصل بعضهم إلى الجنون، كما حدث مع «نيتشه» الفيلسوف الألماني، أو الانتحار كما حدث مع عشرات غيره، من أعظم المبرزين في هذا أو ذاك من فروع العلم والمعرفة، أجل لقد وصلوا حقًا إلى حال أردأ كما حدث مع نازفة الدم  التي تألمت من أطباء كثيرين.

النازفة الدم والمسيح
وإذ وصلت المرأة إلى هذه الحال القاسية، شقت طريقها إلى يسوع المسيح، يقول مرقس إنها «سمعت بيسوع» مما يشير بأنها لم تكن قد رأته من قبل، فماذا سمعت عنه، لقد سمعت أنه الطبيب الذي لا يعصى عليه داء، فالحمى والبرص والعمى والشلل والموت، لا تقف في طريقه، وهو يمد يده للعون والمساعدة والإحسان، كما أدركت أنه صديق المنبوذ والضائع والمسكين والبائس، وأن لمسة واحدة لثوبه كافية لأن تغير كل شيء، وتعطي كل شيء، بدون إرهاق أو تعب أو ثمن أو عطاء.

ولعله من الملاحظ أن شفاء المسيح لهذه المرأة كان شفاء للتعس المنكوب الذي يسعى إليه ويقف في طريق رحمته وإحسانه وجوده ومحبته، كان المسيح في سبيله إلى بيت يايرس وتوقف في الطريق ليعطي رحمة لأخرى، تأتي إليه في الزحام القاسي في الموكب، ورحمته في الواقع وعلى الدوام، لا يمكن أن تغفل عن منكوب أعزل، قد يتصور البعض أنه يتوه في زحام الحياة، فلا تصل حاجته إلى السيد، أو صرخته، مهما كانت واهنة ضعيفة مترددة سرية، كلا وألف كلا، فان رحمة المسيح كالنهر الطامي يمكن أن يأتي العطشان إليه ليأخذ ويشرب ويرتوي ويستمتع.

وقد أعطى المسيح من قوته هذه المرأة، ما أبرأ منها داءها، وأزال عنها وهنها وضعفه، وقد يسأل البعض ما معنى القوة التي خرجت من المسيح، لتدخل هذه المرأة، وتقف نزفها، وتبرؤها في الحال، ولعله  لا توجد إجابة أفضل من إجابة ذلك الغلام الذي كان في الخامسة من عمره، وكان أبوه يتحدث معه عن معجزات المسيح، وبينما هو يتحدث عن اقامة ابن أرملة نايين من الموت، قال الصغير: أنا أفهم يا أبي أنا أفهم! فان المسيح فيه الحياة، فيه كل الحياة داخله، وهو يعطي منها للناس كما يشاء وكما يريد! كان طفلاً صغيرًا وإجابته إجابة فيلسوف عظيمَ أن عند المسيح خزينًا أو طاقة للحياة يمكن أن نشحن منها حياتنا، كما تشحن البطارية من سيال الكهرباء الذي يسري فيها ويملأ شحنتها، أو كما يتشبع الحديد بالمغناطيسية الآتية إليه من المغناطيس القوي فيصبح هو الآخر مغناطيس آخر مشحونًا بالقوة المغناطسية وما أشبه..

وقد أخذت المرأة القوة باللمسة، لثوبه، أو هدب ثوبه، وليس يقصد بالضرورة الطرف الأسفل من الثوب، بل لعله طرف الزنار في العصابة من الأسمانجوني، كما تشير الكلمة في أصلها اليوناني، وسواء كان الهدب أو الثوب، فإن قوة اللمسة جاءت من كونها ليست لمسة عفوية كما يحدث في الزحام، حين يدفع الناس بعضهم بعضًا دون رغبة أو قصد، بل هي لمسة مقصودة لهدف أو غرض أو غاية، ومصحوبة بفكرة وإيمان وانتظار محدد يفصلها عن غيرها من اللمسات ويميزها عنها.. ومع أن المسيح  ممتليء بالنعمة والإحسان والعطاء، إلا أنه لا يمكن أن يصنع أعاجيبه ومعجزاته، إلا للنفس التي تسعى إليها وتنتظرها، وتندفع إليها بيد مهما يكن فيها من ضعف ووهن وارتعاش، لكنها مع ذلك تقدر وتجاب لأنها أولا وأخيرًا لمسة الإيمان بالله وحبه وقدرته وجوده وإحسانه وعطاياه!!....

ولعله من اللازم أن نشير ههنا، إلى أن المسيح توقف، ليصحح الكثير مما تحتاج إليه هذه المرأة من تصحيح، لقد جاءته وهي تؤمن بقدرته، دون أن تعرف عن رغبته شيئًا، فبين لها أن رغبته لا تقل إطلاقًا عن قدرته وأنه يفعل لأنه يرغب، ويقدر لأنه يريد... لقد جاءته في الظلام من ورائه فأخرجها إلى النور إلى الأمام، لقد جاءته لتأخذ ما تحتاج إليه للجسد، وكان يمكن أن تأخذ هذا دون أن تنال ما هو أعظم وأمجد، حاجة النفس والقلب والروح، التي أعطاها لها أمام الجميع... لم يكن الشفاء إذن عطية تسرق في الظلام، بل بركة تمنح ممن يسر أن يعطي البركة للجميع في وضح النهار. كان ايمانها خرافيًا في الكثير من جوانبه، إذ كان يعتقد في اللمسة المادية للثوب كمثل ما يفعل الكثيرون الذين يبحثون عن شيء مادي، كالخشبة التي صلب عليها المسيح، أو الرداء الذي كان يلبسه أو ما أشبه، ممن يتعلقون بمزارات القديسين أو يتبركون بما يقال إنها متخلفاتهم أو آثارهم التي تركوها وراءهم، وترفق المسيح بهذا الإيمان، فلم يرفضه للحواشي الخرافية التي كانت تحيط به ونظر إلى لبه وقلبه، وسلط عليه من النور ما يمكن أن يحرره من الخرافات اللاصقة به!!...

كانت المرأة عندما اقتربت من المسيح تمثالاً من البؤس، مخيفًا ومروعًا، وكانت نزفًا هائلاً للجسد والنفس والروح، وأوقف المسيح نزفها وأعاد إليها معنى الحياة وطعمها، ولست أعلم حقًا كيف عاشت فيما بعد بين الناس، وهل هي كما يذكر أحد التقاليد، كانت تدعي فيرونيكا، وأنها مسحت وجه المسيح بمنديلها، يوم كان يتصبب عرقًا، في طريقه حاملاً الصليب إلى هضبة الجلجثة، وأن آثار هذا الوجه المتألم المبارك قد طبع على المنديل، وأنها عاشت طوال حياتها تحفظ هذا الأثر، لتذكر ذاك الذي بلمسته أعطاها الحياة الصحيحة الخالية من كل سقم ومنحها أيضًا بصليبه الحياة الأبدية، بعد أن أوقف نزف الروح والنفس مع الجسد سواء بسواء تبارك اسمه الكريم إلى أبد الأبدين. أمين....

فيلم ( القديس ابانوب ) مشاهده مباشره


فيلم ( القديس ابانوب ) مشاهده مباشره


<!-- google_ad_section_start -->فيلم ( القديس ابانوب ) مشاهده مباشره<!-- google_ad_section_end -->








.

فيلم ( ابونا عبد الميسح ) مشاهده مباشره

فيلم ( ابونا عبد الميسح ) مشاهده مباشره


<!-- google_ad_section_start -->فيلم ( ابونا عبد الميسح ) مشاهده مباشره<!-- google_ad_section_end -->





.

فيلم القديسة دميانة - مشاهده مباشره


فيلم القديسة دميانة - مشاهده مباشره

<!-- google_ad_section_start -->فيلم القديسة دميانة - مشاهده مباشره<!-- google_ad_section_end -->




.

فيلم ( الام السيد المسيح ) مشاهده مباشره



فيلم ( الام السيد المسيح ) مشاهده مباشره


<!-- google_ad_section_start -->فيلم ( الام السيد المسيح ) مشاهده مباشره<!-- google_ad_section_end -->













..

ترنيمه هيا اليه يا نفسى

ترنيمه هيا اليه يا نفسى

ترنيمه هيا اليه يا نفسى

ترنيمه هيا اليه يا نفسى


حقيقة ام خيال

هل مجئ المسيح ثانية حقيقة أم خيال؟

هل أنت مستعد لمواجة المصير الحتمى؟


..

ترنيمه المس ايدك

ترنيمه المس ايدك

سيره القديس احمد الخطاط


القديس احمد الخطاط



<!-- google_ad_section_start -->سيره القديس احمد الخطاط<!-- google_ad_section_end -->



عاش القديس أحمد الخطاط في القسطنطينية في القرن السابع عشر .كانت مهنته كاتباً للمحفوظات . لم تكن لديه زوجة , كانت له أمَة روسية بحسب القانون العثماني و كانت وقعت أسيرة أثناء الحرب الروسية – التركية ,فسقطت محظية له . ومع أمَته عاشت أمَة روسية أًخرى متقدمة في السن كانت كلتا المرأتين تقيتين.
كانت المرأة المتقدمة في السن تذهب للكنيسة أيام الأعياد و تحضر معها ماءً مقدساً و خبزاً مقدساً (ANTIDORON) إلى المرأة الشابة .
وكلما تناولت الأمَة الشابة من الخبز المقدس كان أحمد يشم رائحة ذكية جميلة تخرج من فمها . كان يسألها ماذا أكلت حتى صارت رائحة فمها ذكية جداً , فكانت تجيبه بأنها لم تأكل شيئاً معيناً و لم يخطر على بالها أن الخبز المقدس كان السبب. و لما زاد إلحاح أحمد أخبرته الأمَة أنها قد أكلت الخبز الذي باركه الكهنة والذي تحضره الأمَة العجوز إليها كلما عادت من الكنيسة .
عند سماع هذا امتلأ أحمد من شوق عظيم لمعرفة بأية طريقة كان المسيحيون يتناولون الخبز و كيف نظام كنيستهم.
فاستدعى كاهناً من الكنيسة العظيمة و طلب منه أن يجهز مكاناً خفياً له لكي يستطيع الذهاب عندما يأتي البطريرك ليخدم القداس الإلهي . عند حلول اليوم المعين , لبس أحمد لباس المسيحيين و ذهب إلى بطريركية المسيحيين و تابع القداس الإلهي . لكن سيد الخليقة الذي يعرف خفايا القلوب أضاف إلى العجيبة الأولى عجيبة ثانية لكي تقود أحمد إلى معرفة الحق. فبينما كان أحمد يتابع القداس و إذ به يرى البطريرك يشع بالنور و قد ارتع عن الأرض عندما خرج عبر الباب الملوكي لبيارك الشعب . و عندما كان يبارك إذ بأشعة من نور خرجت من أصابعه و سقطت على رؤوس كل المسيحيين إلا رأس أحمد . تكرر هذا مرتين أو ثلاثة . عندئذ آمن أحمد بدون تردد و أرسل طالباً الكاهن الذي منحه المعمودية المقدسة , و هكذا بقي أحمد مسيحياً في الخفية لفترة, و لايُعرف اسمه بالمعمودية.
في احدى الأيام اجتمع أحمد مع بعض الخواجات ,فأكلوا و جلسوا يشربون النارجيلة . في سياق الحديث تسائلوا ما هو أعظم شيء في العالم . وصار كل واحد يدلي بدلوه فقال أحدهم إن أعظم شيء هو الحكمة , و قال آخر إنه المرأة ,و قال ثالث رغيف الخبز باللبن لأنه طعام الأبرار في الفردوس . و عندما جاء دور أحمد في الكلام , امتلأ من الروح القدس و صرخ بصوت عالٍ: إن أعظم كل الأشياء هو إيمان المسيحيين .
عندئذ جره صحبه إلى القاضي فاعترف أحمد بمسيحيته و صدر حكم الإعدام بحقه. نال أحمد اكليل الشهادة إذ قطع رأسه بأمر الوالي في الثالث من شهر أيار من العام 1682, في مكان يُدعىKayambane Bahche

كيف تشكر الله وتنال رضاه؟!

الشكر: هو جواب القلب عن احسانات الرب والنفس الشاكرة هى التى تشعر بجميل الله وتطيع قول الرسول "كونوا شاكرين" وترضى بأعماله وتحمد فضله .
+والتسبيح والترانيم والمديح هى أعلى درجات الشكر وهى عمل الملائكة والقديسين .
+واذا كانت سمة العصر التذمر فان من صفات حمد الله حتى على القليل.
+وقال مار اسحق السريانى: "من لايشكر على درهم واحد كاذب هو ان قال انه يشكر على ألف دينار" كما قال ايضا: "ليست عطية بلا زيادة الا التى بلا شكر".
فالشكر يزيد البركة ويجلب رضا الرب.
أسباب الشكر:
-------------
شكر على البركات الروحية:
+يجب أن نشكر الله على صفاته الجميلة والتى نتمتع بها "تأمل صلاة الشكر" فهو رحوم ومحب وطويل البال وسخى فى عطائه.
+ونشكره على خلاصه وعلى وسائط نعمته وعلى عظيم تعاليمه وبركاته...
"شكرا لله على عطيته التى لايعبر عنها"

شكر على البركات المادية
:
+كتب على كنيسة أجنبية عبارة "فكر وأشكر" فهل تفعل؟!
+فكر فى العمى والعرج وذوى العاهات .والرب أعطاك أعضاء كاملة فهل تبيع عينك أو احدى كليتيك بآلاف الجنيهات؟!

شكر على آلام النيا:
+الشكر يخفف من التجربة نفسيا ويعزى الروح القدس النفس الشاكرة والمرنمة
+تدرب على الشكر وقت الأحزان "كما فعل أيوب البار"
+الشكر فى وقت الضيق فهو سمة المؤمن الصابر الملىء بالايمان والرجاء والشكر والفرح بالتجربة.
+فالشكر وقت الألم له نغمة خاصة لدى الرب وقال ذهبى الفم: "ان شكر أيوب فى بلاياه أعظم من كل ماأعطاه للمساكين"
+ولاتنس أن التذمر يجلب أمراضا باطنية ونفسية حادة وأن الشكر يريح النفس ويجعل الرب يرفع التجربة بسرعة.

نماذج من الشكر المرفوض من الله:
------------------------------------
شكر المتكبر:
+يشكر الله لأنه أفضل من غيره روحيا أو ماديا أو غير ذلك "مثل الفريسى والعشار"

شكر الأنانى "البخيل":
+يشكر الله بالكلام ولايساعد المحتاج "مثل الغنى ولعازر".

شكر الغضوب
+يشكر الله لأن الله أنتقم له من المسىء اليه =" الحمد لله ان ربنا ورانى فيه يوم"!


شكر الظروف:
+وهو سائد فى العالم اليوم ساعة نشكر وساعة نتذمر ونشكو حالنا.

كيف يقبل الله شكرك وحمدك؟!
---------------------------------
شكر دائم:
+نشكر الله على كل حال ومن أجل كل حال وفى كل حال .
+تدريب على تكرار "صلاة الشكر" بأستمرار مع التأمل فى كل كلمة فيها .
"شاكرين كل حين على كل شىء" أى شكر مستمر. ليل نهار.

شكر من القلب وليس باللسان :
"أشكر الله بكل قلبى"


شكر مقترن بالتوبة والدموع:
+قال خادم :"لا فائدة من احساسات شاكرة صادرة من قلوب فاجرة".
+ وصلاة الأشرار كبخور موضوع عليه تراب.

شكر باضهار عمل الله معنا:
الأعلان عن عمل الله معنا فى تجاربنا عند زيارة المرضى حتى يشكروا الله معنا ويقوى رجاؤهم ويتم شفاؤهم.

شكر بعمل القداسات والتماجيد والميامر والأغابى
التى بها يشكر المؤمن الله على عطاياه ويقضى الليلة فى تسبيح ومديح للرب مع أصحابه وشعب كنيسته

والخلاصة فكر فى طريقة جميلة بها تشكر الرب من كل القلب حتى يرضى عنك ويملأك بالفرح والتعزيات .
له الحمد والشكر من الآن والى الأبد .آمين.

المحبه

المحبة

إعطانا الله محب البشر الذي أحب الكل في عمق
أن نحب بعضنا بعضاً بالمحبة التي يسكبها الله في قلوبنا
وإن لم نستطع أن نحب إيجابياً فعلى الأقل لاننكر أحدا


فالقلب الذي توجد فيه الكراهية والحقد هو مسكن للشيطان
السعادة الحقيقة تكمن في معنى المحبة والحب
إذا توفرت المحبة ووجدت السعادة واختفت المشاكل
والمحبة التي نتحدث عنها ليست كلمه وإنما فعل
( لا تحبوا لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق )
المحبة كلمه صغيره لكنها تحمل معاني كثيرة
من اجل المحبة سوف تغفر وتسامح وتحتمل هفوات وأخطاء كثيرة
سوف تترك كل شيء من أجل محبه
(لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بزل ابنه الوحيد ليخلصنا)
وهذا اكبر وأسمى صفه للمحبة وهي البزل لأجل راحة الآخرين دون التذمر بل بفرح
من ومن صفات المحبة أيضا:
إن تحافظ على مشاعر الآخرين ولا تجرح أحدا بأي شكل من الأشكال
ومثالا على ذلك
( قصه راعوث: فهيا بعد موت زوجها فإنها من اجل المحبة
والبزل والعطاء فضلت إن تبقى مع حماتها عن إن ترجه لبيت أبيها
وأيضا ذلك حفاظا لشعور هذه الأم التي فقدت ابنيها وأخذت راعوث
بركه المحبة والطاعة أيضا وأعطاها الله نعمه في عين ابيمالك )

وأيضا مثال للمحبة

(محبه إبراهيم لله الخالق _ فكان سيضحى بابنه وحيده لأجل محبه الملك المسيح وطاعته)
.
إن خيرات المحبة كثيرة جدا ونعمتها أكثر فالمحبة مثل الشجرة نرمى بزار الحب
والمسيح ينمى المحبة في القلب ثم تثمر ثمر المحبة بالخير الذي ستجده في حياتك


المحبة
المحبة
هي البزلالسعادة والعطاء والسلام والغفران والحب والطيبة والحنان


إذا كانت هذه المحبة تعيش في قلبك فأنت إنسان سعيد
لان " الله محبه" ومن يعيش الله في قلبه لا بد وان يحب ويسعد


( من لا يحب لا يعرف الله لان الله محبه )

اقوال ابنا بيشوى كامل الجزء الاول

††† القمص المتنيح ابونا بيشوى كامل†††
                   
الذي يصلى لأنه يؤدى واجبا عليه نحو الله ، فليعلم أن الله ليس بمحتاج إلى هذا الواجب ، و لكن الصلاة أمر خاص به هو  " أبونا بيشوى كامل  "

الصلاة مع تسليم المشيئة لا يرفعان الكأس عنا ، بل يجعلان ملاكا من السماء يأتي ليقوينا  " أبونا بيشوى كامل  "

الصلاة هي رفع العقل و القلب معا إلى الله فتنعكس طبائع الله و جماله و أمجاده على الإنسان، فيصير على مثال الله  " أبونا بيشوى كامل  "

الصلاة هي حركة توبة و ارتماء في حضن الآب حيث يقع علينا و يعانقنا و يقبلنا  " أبونا بيشوى كامل  "

يا رب اكشف عن عيني لكي أسهر وأصلي لأن عدوى أسد زائر يريد أن يفترسني. أسندني فأخلص  " أبونا بيشوى كامل  "

يوستينا شابة صغيرة لكن بالصلاة الدائمة هي قوة الله اللانهائية   " أبونا بيشوى كامل  "

بالصلاة الدائمة نكتشف عظمة غنانا بالمسيح ، و عظمة قوتنا بالمسيح ، و عظمة انتصارنا بالروح الساكن فينا ، و تستعلن أمجاد الرب في ضعفنا البشري  " أبونا بيشوى كامل  "

بالصلاة الدائمة نشبع من الله و نستعلن قوة الروح في ضعفنا، فنمتلئ حبا و نشكر الله دائما لأننا نملك أقوى قوة فى حياتنا  " أبونا بيشوى كامل  "

الصلاة الدائمة في وسط مشاغل النهار و هموم العمل و عثرات العالم تحفظ باب القلب مغلقا، و تخلق فيه جنة مغلقة  " أبونا بيشوى كامل  "

ترديد اسم يسوع (صلاة يسوع) يثبت النفس في المسيح، حتى يصير اسم يسوع كالهواء الذي نتنفسه و كأن النفس تحيا بالمسيح  " أبونا بيشوى كامل  "

يارب... أنت تريد أن جميع الناس يخلصون، فأرجوك يا الهي أن تعطيني روح الصلاة من اجل جميع المسيئين و أن تعطيني روح حب للجميع  " أبونا بيشوى كامل  "

الوقوف المتواتر أمام الله يعكس نور الله على حياتنا، فنكتسب جمالا و نخيف الشيطان بصلواتنا   " أبونا بيشوى كامل  "

بركة البيت فى قناعة سكانة. احد الاباء اولاد الله يعيشون غربتهم في العالم و انظارهم متجهة للسماء   " أبونا بيشوى كامل  "

إهمال الصلوات و محبة الحديث مع الناس و الضحك و الهزار أكثر من الوجود أمام الله. كل هذا يحتاج إلى حزن و بكاء  " أبونا بيشوى كامل  "

سيدي يسوع ... الصلاة هي النظر إليك ، فهل أستطيع إذا كنت احبك حقا ألا انظر إليك دائما ؟ أنت الدائم الحضور، أيستطيع من يحب ألا يعلق النظر بحبيبه إذا كان في حضرته ؟  " أبونا بيشوى كامل  "

إن وقفة صلاة أمام الله بعيدا عن العالم هي بالحق دخول في لانهائيات الله  " أبونا بيشوى كامل  "

بالصلاة ترتفع أفكارنا إلى السماويات و نحيا - و نحن بعد على الأرض - في الأبديات  " أبونا بيشوى كامل  "

ربى يسوع... هبني فهما و إدراكا لقوة صليبك، و أشعرني عندما أكون في شدة العالم و ضد مبادئ العالم أنى لست مهزوما بل منتصرا بقوة صليبك  " أبونا بيشوى كامل  "  .

ربى يسوع ... أعنى أن احمل صليبي بقوة و شجاعة و حب للحق و تمثلا بك و بفرح و سعادة للشهادة لك في عالم مخادع   " أبونا بيشوى كامل  "

أتأمل كيف بصقوا على وجهك و أرى إني أنا الذي أستحق هذه البصقات لأن عيني الشاردة هي المتسببة فى هذه البصقات  " أبونا بيشوى كامل  "

أيها الرب يسوع أن الصليب كان الوسيلة الوحيدة للقاء اللص معك. ما أسعدها ساعة و ما أمتعه صليب  " أبونا بيشوى كامل  "

أيتها العذراء أنت أمي الحنونة كوني من خاصتي دائما إكراما لوصية ابنك و فرحا و سرورا لأمومتك لي  " أبونا بيشوى كامل  "

ربى يسوع أنت الذي تعطى الماء الحي الذي يشرب منه لا يعطش إلى الأبد، ثم بعد ذلك تعطش إلىّ.. سبحانك ربى.. يا لمحبتك لي أنا الساقط  " أبونا بيشوى كامل  "

ليس هناك قوة في الوجود تربط يسوع إلا خطيتي... لأنه صنع هذا محبة لي. إذا لم تكن هذه الرباطات إلا رباطات خطيتي  " أبونا بيشوى كامل  "

إن التأمل المتواصل في صلب ربنا يكسب النفس حرية وسلاماً وقوة وغفراناً  " أبونا بيشوى كامل  "

ربى يسوع.. جبيني المملوء بالأفكار هو الذي يستحق إكليل الشوك، فأربط فكري بأشواكك المقدسة، و أعطني فكر المسيح   " أبونا بيشوى كامل  "

إلهي.. عرفت جيدا معنى قولك لي أن أحمل صليبي كل يوم كما حملت صليبك أنت.. صليبي هو جهادي ضد الخطية، و صليبك هو خطيتي التي فشلت أنا في مقاومتها  " أبونا بيشوى كامل  "

ربى يسوع.. إني أتأملك مصلوبا و قلبي كالصخر، ما هذا الجفاف الروحي؟ يارب أفض فيّ ينبوع دموع.. يا ربي يسوع اضرب الصخرة فتفيض دموعا  " أبونا بيشوى كامل  "

ربي يسوع أنا لا أطلب صليبا معينا.. و لكن الذي تختاره مشيئتك لي، و أنا لا أريد أن أعرض عليك خدماتي.. بل أن تستخدمني أنت فيها  " أبونا بيشوى كامل  "

حدثيني يا أم الله القديسة، ماذا حدث لك عندما انغرست الحربة في جنب ابنك؟ كعادتك سوف تصمتين لأنك لن تتذمري أبدا و لم تشتكي أبدا  " أبونا بيشوى كامل  "

يا أبتاه.. الآن أعطني أن أقرأ في كل حركة طول يومي، ما هي مشيئتك، و أتممها بأسرع ما يكون، و بفرح عظيم. عندئذ سأرى من حيث لا أدري إني في حضن أبي  " أبونا بيشوى كامل  "

يا أبتاه.. كل المشاكل، كل التفكير في هموم العالم.. كل ما يسبب لي شرودا في الصلاة، أعطني أن أضعه بين يديك و أقول : لتكن مشيئتك  " أبونا بيشوى كامل  "

إن القديسة العذراء مريم وصلت إلى قمة إتمام المشيئة حين قالت : هوذا أنا أمة الرب. صل عنا يا أمي و كوني لنا مثلا  " أبونا بيشوى كامل  "

يا أبتاه.. أعطني أن أكون سريع الاستجابة لإلهامات روحك القدوس فيّ عن طريق الصلاة  " أبونا بيشوى كامل  "

إن حياتي ستظل بلا معنى و لا طعم و لا فائدة إن لم تعلن مشيئتك فيّ لأتممها  " أبونا بيشوى كامل  "

إن أخطر لحظة فى حياتى هى التى أنسى فيها التفكير في المسيح ... انها لحظة الانحلال و الضعف، و التعرض للسقوط فى أبسط خطية  " أبونا بيشوى كامل  "

القداس يعطى الفرح للملائكة و للخطاة رحمة و الصديقين نعمة  " أبونا بيشوى كامل  "

القداس هو الطاقة التي بها نطّل على الأبدية  " أبونا بيشوى كامل  "

الصلاة في القداس الإلهي هي نوع من العطش و الجوع و نار حب لا تروى إلا بدم المسيح الشهي، و بجسده معطي الحياة  " أبونا بيشوى كامل  "

ما أقواك أيتها التوبة و ما أروعك، انك أروع أيقونة للقيامة  " أبونا بيشوى كامل  "

ربى يسوع... إن عطشك لا يرويه الماء و لا الخل بل ترويه توبتي و رجوعي لك تحت أقدام الصليب حيث تبقى هناك عطشانا  " أبونا بيشوى كامل  "

ربنا يسوع غلب العالم لأنه لم يكن للعالم شئ فيه. إذا كان للعدو جواسيس داخل بلدي كيف أستطيع مواجهته؟  " أبونا بيشوى كامل  "

نحن نحمل قوة لا نهائية أمام عالم مادي مغلوب رغم مظهره القوي، هذا هو إيماننا  " أبونا بيشوى كامل  "

يارب.. أنت ترشدنا، و لكننا نتركك و نبحث عن إرشاد العالم و تعزيته، ثم نفشل فنجدك كما كنت. عندئذ نحس بخطئنا نحوك  " أبونا بيشوى كامل  "

أنت يا الهى أب... كلك حبك للبشرية و سكبت روح حبك فىّ ، و هذا هو الطريق الوحيد لمعرفتك و الحياة معك  " أبونا بيشوى كامل  "

 ان المشغول فى غسل خطايا اخية لايمكن ان لا يمكن ان يقع فى ادانتة  من اقوال ابونا بيشوى كامل

ربى يسوع.. أعطني روحك المملوء حبا الذي قال لصالبيه: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. لأن هذه الصلاة هي التي أوقعت اللص القاتل أسيرا في أحضان محبتك  " أبونا بيشوى كامل  "

الخادم هو إنسان غسل يسوع قدميه القذرتين، و يغسلها كل يوم... من أجل ذلك هو يجول مع يسوع من كل قلبه ليغسل أقذار كل الناس  " أبونا بيشوى كامل  "

ربي.. أعطني أن أبكي على خطية أخي مثلما أبكي على خطيتي لأن كلاهما جرحاك يا حبيبي يسوع    " أبونا بيشوى كامل  "

إن النفس الساقطة عندما تقوم تشع منها قوة هائلة من قوة قيامة الرب يسوع  " أبونا بيشوى كامل  "

يا نفسي اهتمي بداخلك لتعجبي يسوع، العريس السماوي لا يهمه نوع الموضة بل يهمه الجمال الداخلي للنفس   " أبونا بيشوى كامل  "

إن مقابلة الخير بالخير عمل إنسانى و مقابلة الخير بالشر عمل شيطانى ،أما مقابلة الشر بالخير فهو عمل إلهى    " أبونا بيشوى كامل  "

يمكنك أن تكون نور لكل الناس وقدوة لهم خاصة فى محيط أسرتك ومن حولك عندما تقدم لهم كل محبة فى أعمالك معهم وايضاً من خلال كلامك المملح بوصية المسيح وتنفيذها في حياتك وأيضاً عندما تحتمل أخطائهم وتتغاضى عن أساءتهم. حيث توجههم بلطف إذا احتاج الأمر    " أبونا بيشوى كامل

الدم هو العلامة المميزة للمسيحى...  جهاد حتى الدم  و حب حتى الدم. من اقوال ابونا بيشوى كامل .

ان الصليب قبل ان يكون مكانا للعدل الالهى . هو مكان للحب الالهى لى انا الخاطى . من اقوال  ابونا بيشوى كامل.

اولاد اللة الذين يقبلون التجارب بشكر و فرح فى شركة الالام المسيج الرب و الذين يجاهدون فى الطريق بثبات يظهر لهم المسيح ممجدا فى نهاية الطريق من اقوال ابونا بيشوى كامل

ان المسيحى لا يستطيع ان يقول انة يعرف المسيح ان لم يكن له شركة مقدسة فى تامل مستمر فى صليب المسيح. من اقوال ابونا بيشوى كامل

شهوة الأكل يجب أن تراقب بالصوم " أبونا بيشوى كامل

الصوم هو شركة حب مع آلام ربنا" أبونا بيشوى كامل

الصوم هو الطعام اليومى للحياة الروحية" أبونا بيشوى كامل

أهم ثمار الصوم أن تبدأ عيون قلوبنا الروحية ترى الله" أبونا بيشوى كامل

الصوم يؤهل النفس للانتعاش الروحى . والاتصال بالله ، وامتلاء القلب بحب الله" أبونا بيشوى كامل

دائماً الصوم يقترن بالصلاة . وهذا يعنى أن الصوم بدون صلاة هو كبت وحرمان . ولكن بالصلاة يتحول لانطلاق روحى للنفس " أبونا بيشوى كامل


 إن طبيعة العدو الشيطان عجيبة . فهو لا ينام ولا ييأس ولا يتعب من الحرب ولا يلقى سلاحه لحظة واحدة  وطريقته لايقاعنا عديدة ... هو كأسد زائر يجول ملتمساً من يفترسه " أبونا بيشوى كامل  "

إذاً الحرب مستمرة لذلك فالسلاح الوحيد الذى يهزمه يجب ألا نخلعه أبداً ألا وهو الصلاة المستمرة " أبونا بيشوى كامل  "

 النفس الطاهرة هى كالريشة غاية فى الرقة والنعومة فى طبيعتها قابلة للطيران بسبب خفتها تنطلق لتطير بالصلاة والتأمل الروحى مرتفعة عن الأمور السفلية " أبونا بيشوى كامل  "

الصوم وحياة الطهارة ونقاوة القلب كلها عمليات مهمة للامتلاء من الروح القدس " أبونا بيشوى كامل  "

 والعكس فالكذب والدنس كلها تحزن روح الله" أبونا بيشوى كامل  "

 الصلاة الدائمة تستعلن قوة الله الدائمة .. لوجود روحه الدائم بداخلنا " أبونا بيشوى كامل  "

الصلاة الدائمة تضيف للانسان قوة الله اللانهائية " أبونا بيشوى كامل  "

 الصلاة الدائمة تضيف للانسان هيبة الله العظيمة" أبونا بيشوى كامل  "

 الشهداء ارهبوا العالم كجيش بألوية بطهارتهم وشجاعتهم ، وحبهم للمسيح ، وصلواتهم التى أذلت الشياطين " أبونا بيشوى كامل  "

 صلاة المخدع أروع صلاة لتمتع المسيح بنا وتمتعنا به أروع صور الحب لذاك الذى أحبنى ومات لأجلى " أبونا بيشوى كامل  "

كل فضيلة أو نصرة لا تبدأ بالصلاة هى ليست مما للمسيح ومصيرها الفشل والزوال " أبونا بيشوى كامل  "

كل صلاة هى استعلان وأخذ مما للمسيح " أبونا بيشوى كامل  "

 الصلاة أخذ حتى الشبع والغنى والامتلاء من القوة والفرح " أبونا بيشوى كامل  "

 المسيحى الذى لم يجاهد فى حياة الصلاة أشبه بالغنى القاصر الذى لا يتمتع بما يملك " أبونا بيشوى كامل  "

من أجل ذلك نحن نتحسر على المسيحيين اليوم والخدام الذين يعيشون فى حالة عوز وجوع لأنهم لا يمارسون الصلاة التى هى الوسيلة لاستعلان الله غير المحدود فى حياتهم وفى خدمتهم " أبونا بيشوى كامل  "

 ترديد اسم يسوع " صلاة يسوع " هذا التدريب يثبت النفس فى المسيح حتى يصير اسم يسوع كالهواء الذى نتنفسه وكأن النفس تحيا بالمسيح كحياة الجسد بالهواء " أبونا بيشوى كامل  "

صلوات السواعى والقيام بها فى أوقاتها يعطى الانسان بركة الثبات فى حياة المسيح بالصليب " أبونا بيشوى كامل  "

 يجب علينا أن نعيش هذا التدريب كل طريقنا . نردد دائماً وفى كل وقت ياربى يسوع المسيح ارحمنى ( أنا أكبر الخطاة .. وأكثرهم كسلاً وتهاوناً ، ورياءً وغروراً وارتباطاً بالعالم " أبونا بيشوى كامل  "

عزيزى لا تذهب مضجعك إلاَّ ومعك آية مقدسة أو حادثة كتابية أو مشهد إنجيلى عندئذ يحتوى الروح القدس مثل هذه النفس المخلصة المجاهدة الأمينة ويكشف لها سر غنى الإنجيل " أبونا بيشوى كامل  "

 الانسحاق هو ثمرة دخولى لأعماق النفس واكتشاف قذارة خطاياى " أبونا بيشوى كامل  "

التأمل فى الصليب هو أقوى مصدر لادراك حب الله لنا .. صلاته ، وحبه لصالبيه ، جذبه اللـص للفردوس ، احتماله العار لأجلنا " أبونا بيشوى كامل  "

 الصلاة هى تحويل الزمن الميت إلى عمل الهى خالد .. حيث تستبدل حركة الساعة بحركة الروح " أبونا بيشوى كامل  "

 الصلاة هى مفتاح السماء وبقوتها يستطيع الانسان كل شىء " أبونا بيشوى كامل  "

 هى مصدر لكل الفضائل .. هى السلم الذى به نصعد إلى السماء هى عمل الملائكة هى أساس الإيمان " أبونا بيشوى كامل  "

 الصلاة هى تعبير عن شوق كامن فى أعماق النفس للتحدث إلى الله " أبونا بيشوى كامل  "

 إن وقفة صلاة أمام الله بعيداً عن العالم هى بالحق دخول فى لا نهائيات الله " أبونا بيشوى كامل  "

 الصلاة هى مناجاة بين العريس وعروسه . ويلذ للعريس أن يسمع صوت العروس ، بل إنه يرجو أن يسمع صوتها " هأنذا واقف أقرع على البـاب " .. وأمر فتح الباب فى يدنا نحن " أبونا بيشوى كامل  "

الصلاة فى الواقع هى تعبير عن احساساتنا ومشاعرنا واحتياجاتنا نحو الله " أبونا بيشوى كامل  "

جدنا على فيس بوك

منتدى ملك الملوك بشكل جديد www.malek-elmlook.com ملك الملوك ارض الحصريات