facebook

شخصية ( فيبى ) من شخصيات الكتاب المقدس



فيبي

«اوصى إليكم بأختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة في كنخريا»

مقدمة

لعل من أمتع القصص التي كتبها كاتب غربي قصة بعنوان «معرض الأبطال» وفيها يتخيل نفسه وقد أبصر في حلم معرضاً عظيمًا، وإذ دخله رأى في الطابق الأول غرفة يصل إليها الداخل بعد أن يصعد سبع درجات، وعلى كل درجة عبارة منحوتة كتب عليها: «ما أجمل أن يموت الإنسان من أجل وطنه» ورأى هناك أعظم أبطال الحروب، ابتداء من القائد ليونيداس الذي سقط مع الثلثمائة جندي في معركة ترمبولي وكتب على نصبهم : «أيها الذاهب إلى أسبرطة قل لها أننا متنا طوعًا لقوانينها المقدسة» إلى ابراهام لنكولن الذي مات من أجل تحرير العبيد، ومرت أمام جثمانه امرأة زنجية تحمل طفلا رضيعًا وهي تقول له: «انظر طويلا يا بني إلى الرجل فانه قد مات من أجلك!» وأما الطابق الثاني الذي يصعد إليه بارتقاء عشر درجات فيجد غرفة كتب عليها : «أبطال الطريق الأعزل» وهم الرواد الذي ساروا منفردين أمثال كولمبس وليفنجستون وغيرهما، ممن شقوا الطريق أمام الإنسان في الادغال والجبال والبحار والأنهار، ليفتحوا السبيل أمام إخوتهم في البشرية لحياة أعظم وأجمل وأبهى مما عرفوه على هذه الأرض!! وإذا يصعد إلى الطابق الثالث أثر عشر درجات أخري، يجد هناك غرفة كتب عليها: «أبطال الحق» وهم الذين عذبوا وتأملوا واستشهدوا من أجل الحق مثل سقراط الذي شرب كأس السم، دون أن يتراجع عن عقيدته ومبدئه، وجاليلو الذي نادى بدوران الأرض حول الشمس، وأبى أن يقول إنها مسطحة!! وسجن وعذب من أجل ذلك!!

على أنه في الطابق العلوي الرابع بعد اثنتي عشرة درجة يصعدها وجد غرفة كتب عليها: «أبطال المحبة» وفي الغرفة أبصر صليبًا ارتفع عليه يسوع المسيح، ورأى عشرات من الذين بذلوا الحياة محبة من أجل الله والآخرين، كالراهب تليماخوس الذي أبطل بموته مصارعة الوحوش، والأب دميان الذي بذل حياته من أجل البرص، وجيمس تشارلس الذي قضي من أجل الهند وغيرهم وغيرهم، ممن عاشوا لأجل الآخرين أو ماتوا في خدمتهم.

ولعل الناظر إلى هؤلاء الأبطال، سيجد أن البطولة لم تكن قاصرة على الرجال وحدهم، بل على النساء أيضاً، وقد عرض الرسول بولس للكثيرين والكثيرات ممن بذلوا جهدهم وحياتهم، وفي الاصحاحات الأخيرة من بعض رسائله تحيات حارة لأسماء نعرف أعمال البعض من أصحابها، أو قد لا نعرف على الإطلاق، ولكنهم عاشوا وما يزالون إلى اليوم في سجل الخالدين، وسنعرض الآن لواحدة منهن جاء أسمها أول الأسماء في الأصحاح السادس عشر من رسالة رومية، ونعني بها فيبي خادمة الكنيسة في كنخريا... ولعلنا نستطيع أن نبصرها من النواحي التالية...

فيبي ومن هي!!

الكلمة فيبي تعني «بهية» أو «لامعة» أو «مضيئة» وهي أشبه بالكوكب الدري الذي يلمع في السماء، أو ذلك النور الباهر الذي ينبلج في قلب الظلام. ومع أننا لا نقرأ عنها أكثر من آيتين جاءتا في كلمة الله، إلا أنهما كافيتان على أن تعطيا من النور ما يمكن أن يلقي وضوحًا على كثير من الحقائق، أغلب الظن، أنها كانت متوسطة العمر، لأن بولس يشير إليها كأخت، ولا يعلم أحد إن كانت متزوجة أو غير متزوجة، البعض يعتقد أنها أرملة، على أنه من الواضح أنها كانت امرأة غنية أو ميسورة الحال على أقل تقدير، إذ أنها ساعدت الآخرين، وساعدت بولس، ويبدو أن بيتها في كنخزيا كان مفتوحًا للمؤمنين الذين يفدون إليه من هنا أو من هناك، وربما عاش بولس في بيتها، عندما كان في كنخريا، ويظن أنه كان مريضًا هناك، وقد اهتمت به أبلغ اهتمام وأوفاه، ومن المعتقد أنها كانت امرأة مثقفة حملت معها إلى رومية أعظم رسالة، كتبها الرسول بولس الرسالة التي دعاها جوديت : «كاتدرائية الإيمان المسيحي» «والمنجم الذي ما تزال الكنيسة تخرج منه طوال القرون الماضية أثمن الكنوز دون أن يفرغ أو ينفد حتى ترتفع أخيرًا من الإيمان إلى المعرفة الكاملة».. والتي قال عنها كلفن: «إن أي فرد يتمكن من معرفة هذه الرسالة سيجد المدخل المفتوح إلى كنوز الكتاب الخفية» وعلى الأغلب كانت شخصية قوية ذات نفوذ وتأثير، ولا يعلم لماذا أخذت طريقها من كنخريا إلى روما، غير أن البعض يتصور أنها ذهبت إلى هناك لمصالح تجارية أو قضائية، وكان الرسول يوصي المؤمنين بمساعدتها فيما قد تحتاجه منهم هناك، ومن الواضح في كل الأوضاع، أنها كانت من ذلك الصنف من النساء التي تتجاوز شخصيتها حدود بيتها ومدينتها، أو البيئة المحيطة بها، ولا يمكن أن ننسى في هذا السبيل حيويتها ونشاطها، فالمرأة التي تظهر على مسرح الحياة بهذه الصور المتعددة التي أشرنا إليها، لابد أن تكون من الصنف القوي المؤثر المتحرك في الحياة، على أن أهم ما في حياة هذه المرأة، هو أنها كانت تشرب عميقًا من نهر الشركة العميقة مع الله، وقد ظهر هذا في داخل المدينة والكنيسة التي عاشت فيها... كانت كنخزيا الميناء الشرقي لمدينة كورنثوس، ومن المعلوم أن المواني في العادة من أشر الأماكن وأكثرها تعرضًا للفساد، فإذا أضفنا إلى ذلك أن كورنثوس في حد ذاتها كانت من أشر ما رأى بولس في حياته، فبالأولى يتضاعف الشر في كنخريا، ومع ذلك فقد ظهرت هذه المرأة بهية وضاحة النور والحياة في قلب الظلمات القاسية المترسبة من الفساد والوثنية معًا، كانت كنخريا تتعبد لأبولو، وكان في كورنثوس معبد أفروديت آلهة الجمال، وكان به ألف امرأة كرسن أنفسهن للفساد تعبدًا... ومع ذلك فقد لمعت هذه المرأة كما يلمع الشهاب في الليل البهيم، وأضاءت كما يضيء البدر في أحلك الليالي، وقد ظهر هذا من حياتها المسيحية في المدينة، بل أكثر من ذلك، تكريسها العظيم للخدمة في كنيسة كنخريا، ولنا من كل هذا أن نجد أنفسنا أمام امرأة متعلمة مثقفة واسعة النفوذ عميقة الحياة في الشركة مع الله والناس.

فيبي والأخوة المسيحية

يقول الرسول بولس عن فيبي أول ما يقول: «أختنا فيبي» وهو يكشف فيها ومعها عن معنى الأخوة المسيحية ولعل الأصحاح السادس عشر من رسالة رومية يتحدث بأفصح بيان عن هذه الحقيقة، ويكفي أن تطلع على الأسماء العديدة التي ذكرها بولس فيه لكي ترى كيف تخطت هذه الأخوة حواجز الجنسيات المختلفة، فأكيلا واندرونكوس وبونياس وهيروديون كانوا يهودا أصلاً، وبريسكلا واروربانوس وامبلياس وروفس وجوليا، كانوا رومانيين، والبقية من اليونانيين، كما تخطت الحواجز الاجتماعية إذ كان فيهم العبيد والأحرار، والأغنياء والفقراء، والمثقفين والمحدودين في ثقافتهم، وارتفعت أيضًا فوق حواجز الجنس، إذ لم يعد هناك ذكر أو أنثى وقد حيا بولس على الأقل تسع سيدات في هذا الأصحاح، أرق تحية وأجملها، لقد جاء المسيح ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد!! وإذا كانت بعض الأساطير القديمة، قد حدثتنا عن تلك الجزيرة الكبيرة الواسعة التي كانت مقسمة إلى سبع ممالك منقسمة، وقد أحاطت كل مملكة فيها نفسها بسور ضخم عريض يفصلها عن الأخرى، وما أكثر ما قامت بينهم الحروب والمعارك حول الحدود الفاصلة، وكانت مشكلة الجزيرة الرئيسية الماء الذي كانوا يبتاعونه من السفن القادمة، وإن كان قد شاع بينهم أن هناك ينبوعًا خفياً هو نهر ينساب تحت الأرض في الجزيرة، وحاول أحد الشباب إقناع الممالك بهدم الأسوار والبحث عن الينبوع، ولكنهم كانوا يرفضون، واخيرًا استطاع أن يقنع أحد الملوك، الذي دعاه إلى الحفر، وأنساب الماء وفاض، وما أسرع مارأت الممالك الأخرى حماقة الحواجز والأسوار التي أقاموها، فهدموها عن آخرها، وفعل الينبوع الخفي فعله العظيم في النفوس، قد تكون هذه اسطورة الإنسان الذي أشاع الحزبة والفرقة والانقسام، ولكن الينبوع الخفي الذي جاء به المسيح إلى الأرض، هو الذي علم الناس أن جنة الحياة الصحيحة، تأتي عندما يلتقون ويتآخون في حب وأمان وسلام حول شخصه العظيم الأمين المبارك، هل سمعت عن الأسطورة الأخرى الهولندية والتي تقول إن ثلاثة من الشباب المعربدين الماجنين مات صديق رابع لهم، وامتلأوا حزنًا وكآبة عليه، حتى أنهم أصروا على مطاردة الموت والقضاء عليه، وفي ذات يوم خرجوا باحثين عن الموت لينقضوا عليه ويقتلوه، وبينما هم سائرون أبصروا رجلاً مسنًا في الطريق، يضرب الأرض بعصاه ويطلب منها بالحاح أن تفتح أبوابها لتحتضنه في ثراها، فقد تعب من آلامها، ويئس من فواجعها، فنشد الراحة في جوفها، فاستوقفهم هذا المنظر، وطلبوا من الرجل، أن يريهم أين يسكن الموت الذي هم ساعون وراءه، فأشار الرجل إلى سنديانة كبيرة نشرت أغصانها فوق رابية منعزلة وقال إن الموت ينتظرهم هناك، وسوف لا يتوارى عنكم ما دمتم من طلابه، فجدوا في السير، وقصدوا السنديانة، ولكن لعظم دهشتهم لم يجدوا أثراً للموت هناك، بل شاهدوا كومًا من المال مكدسًا قرب جذعها، وبريق الذهب يتلالأ تحت ظلالها، وينعكس على أغضانها!!. وسرعان ما غمرتهم نشوة الفرح، فانهالوا على الذهب يجمعونه في أكياسهم، وقد نسوا لماذا جاءوا إلى المكان، واستقر الرأى على أن يجمعوه إلى بيوتهم، واذ خافوا أن يفعلوا ذلك نهارًا، انتظروا إلى الليل لينقلوه في المساء، وأذ أحسوا الجوع، أرسلوا واحد منهم إلى أقرب سوق ليبتاع طعامًا، وهنا جاء الشيطان موسوساً لمن ذهب أن يدس سمًا لزميليه في الطعام ليفوز بالمال وحده.. ووسوس للآخرين بأن يتظاهر باللعب معه ويقتلاه بمدية، حتى يقتسما المال مناصفة، وتم كل شيء ومات الجميع وسقطوا على أكوام من ذهب.

... لقد جاء المسيح إلى العالم ليغسل الناس من الطمع والحقد والأثرة والفساد، ويعلمهم أنهم أخوة في شخصه المبارك، وأبناء للأب السماوي، وأن رسالتهم في الحياة أن ينحني الواحد منهم على الآخر في رقة وحنان وإيثار ومحبة، ألم يقل فرانسس الأسيسي «ما أجمل هذه الدنيا أن استطعتم أن تتخلصوا مما فيها من قيود وما قيودكم إلا المال والمسكن والمأكل والملبس تعالوا انظروا الأشياد الحقيقية في الحياة، تعالوا وأحيوا حياة الروح، وأنيروا كالشعلة، وأينعوا كالزهرة، وأفيضوا كما يفيض المجرى المتدفق من الجبل...!»

فيبي والخدمة المسيحية

وقد وصفت فيبي أيضًا بأنها «خادمة الكنيسة في كنخريا» والكلمة المترجمة هي الكلمة «دياكونوس» والتي اشتقت منها «دياكون»أو شماس، ومن هنا قيل أن فيبي كانت شماسة الكنيسة في كنخريا، ومن الوجهة التاريخية لا يعرف أن المرأة مارست مثل هذا المنصب في الكنيسة الأولى على نحو عام، وإن كان الآباء اليونانيون يعتقدون أن القول الذي جاء في رسالة الرسول بولس إلى تيموثاوس: «كذلك يجب أن تكون النساء ذوات وقار غير ثالبات صاحيات أمينات في كل شيء» (1تي 3 : 8) لم يكن يقصد به زوجات الشمامسة بل قصد به الشماسات على وجه الخصوص، ومن ثم وجد من فسر العبارة «غير ثالبات» بالثرثارات اللواتي لا يدركن أن يقدرن معنى رسالتهن كشماسات، وأيا كان التفسير، فمن المسلم به أن خدمة الشموسية لم تكن شائعة قط قبل القرن الثالث، وقد قيل ان بليني الحاكم على بثينية قال في واحد من تقاريره عام 111 م إنه عذب خادمتين تعملان في الكنيسة شماستين، وهو يسألهما عن الفرائض المسيحية... على أنه في الواقع أن خدمة النساء بهذا المعنى، ظهرت على هذه الصورة أو تلك أيام الإمبراطور تراجان، وكان مظهرها الأعمق والأهم زيارة النساء، والاهتمام بالمحتاجين، والضعفاء، والمرضى، وهنا يقول دين روبنسون عن فيبي: «إنها تظهر بلا شك شاهدة على أهمية الخدمة المسيحية التي كانت تقوم بها المرأة في الكنيسة الأولى، وإن كان المتتبع لخدمة الشموسية لا يستطيع أن يقول بدقة من الوجهة التاريخية، أنها تعبر عما يقصد به من خدمة الشماس في المعنى الكامل». وعلى أي حال سواء كانت الخدمة بمعناها التقليدي كشماسة، أو بالمعنى العام للخدمة المسيحية، وسواء كانت في حدود موسعة أو ضيقة في الفترات المختلفة من التاريخ حسب العوائد والتقاليد المختلفة في العصور والأجيال، فإن الذي لا شبهة فيه، إن خدمة المرأة في المسيحية بدأت منذ اللحظة الأولى في التاريخ المسيحي، وإن كانت قد أحجمت عن أن تأخذ في أغلب الأوضاع والعصور المركز القيادي المعطي للرجل، إلا أنها خدمت على نحو واسع بعيد عميق في كل المجالات، مما أشرنا إليه أكثر من مرة، وقد تفوقت في بعض النواحي والمجالات، على خدمة الرجل نفسه، ولعل من المناسب أن نلاحظ ههنا أن خدمة فيبي كما يقول الرسول بولس هي خدمة المساعد وليس القائد: «صارت مساعدة لكثيرين ولي أنا أيضًا».. وكما أنه من المناسب أن نلاحظ أيضًا، أن المرأة المسيحية عندما تمتليء بروح المسيح، وتخدم فإنها لا يمكن إلا أن تفعل هذا على أروع الصور وأجملها وأعظمها، ويكفي أن نرى ما أشار إليه الرسول وهو يتحدث في الأصحاح المذكور عن مثل هذه الخدمات العظيمة المجيدة المباركة أن فتريفينا وتريفوسا اللتين كما يرجح الكثيرون كانتا من أعلى الطبقات وأغناهن في ذلك العصر، عندما خدمتا أطلق عليهما الرسول : «التاعبتين في الرب» «وبرسيس المحبوبة التي تعبت كثيرًا في الرب» «ومريم التي تعبت من أجلنا كثيرًا» وغيرهن ممن أعطين أعظم صور وأبهاها وأمجدها في جلال الخدمة وعظمتها ومجدها، وهي تقدم في سبيل الله وخلاص النفوس خير الآخرين.

فيبي والمعاملة المسيحية

وآخر ما ننتهي به، ونحن نذكر فيبي، هو ما أوصى به بولس بصدد المعاملة التي ينبغي أن تعامل بها في روما من جانب المؤمنين والكنيسة هناك!! وهذه المعاملة فيما يبدو مثلثة الأركان، لها أساس، ومظهر، وامتداد.. فأساسها «في الرب» إذ أن معاملة المومنين بعضهم لبعض، ليست مجرد معاملة إنسان إلى أخيه الإنسان على ما يمكن أن تكون عله هذه المعاملة من جمال أو روعة أو جلال، بل أنها تعلو وتسمو على ذلك كثيراً جدًا، إذ هي معاملة المؤمن لسيده المسيح نفسه، ألم يقل السيد: «من يقبلكم يقبلني، ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني» «بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبما فعلتم!!» أما مظهرها فواضح من القول: «كما يحق للقديسين» أو في لغة أخرى هي معاملة قديس لأخيه القديس، ومع أن معاملة المؤمن للجميع ينبغي أن تتسم بروح الإحسان والجود والرفق والحنان والمحبة، إلا أن معاملته لأخيه المؤمن ينبغي أن تكون على درجة أخص وأجمل وأكمل.. أو كما قال الرسول في مرة أخرى:

«اعملوا الخير مع الجميع ولاسيما أهل الإيمان!..» فالحديث مع المؤمن يختلف ولاشك عن الحديث مع غير المؤمن، والاختلاط به، والاهتمام بأمره، والمشاركة معه في أهداف واحدة عظيمة متعددة، تتجاوز ولاشك كل ما يمكن عمله أو الوصول إليه مع غير المومنين! ومن ثم نلاحظ امتداد المعاملة والمعونة التي يمكن تقديمها في القول الذي أوصى به الرسول لفيبي: «وتقوموا لها في أي شيء احتاجته منكم» وهو هنا يشير إلى الفائدة المتبادلة بين المؤمنين إذ يقول: «لأنها صارت مساعدة لكثيرين ولي أنا أيضًا» أو في لغة أخرى، هي نوع من الشركة والوفاء ورد الدين، وعند التقديم ينبغي أن تعطي بكل فيض وسخاء، يمكن معها سد العوز ومواجهة الاحتياج.

ذهبت فيبي إلى المدينة الخالدة روما. وهي لا تعلم، عندما كانت تحمل الرسالة إلى أهلها، والوصية الخاصة بها، أنها كانت تقدم للأجيال أعظم كنز في العقيدة والتعليم المسيحي، وليس للرومانيين فحسب، وكانت تقدم في الوقت عينه النموذج المسيحي الواضح المجيد للأخوة، والخدمة، والتعاون المسيحي بين المؤمنين بعضهم والبعض مهما اختلفت أوضاعهم وظروفهم، تباينت وتلونت بيئاتهم ومجتمعاتهم، إذ هم أولاً وأخيرًا قبل وبعد كل شيء، أخوة في المسيح، وأخوة إلى الأبد، في كل زمان أو مجتمع أو مكان.

جدنا على فيس بوك

منتدى ملك الملوك بشكل جديد www.malek-elmlook.com ملك الملوك ارض الحصريات