facebook

المال الحرام والسرقة

المال الحرام والسرقة

 المال الحرام هو كل مال تحصل عليه، وهو ليس من حقك: كأن يكون ثمناً للخطية، أو قد وصل اليك بطريقة غير شرعية. والسرقة هي أحد بنود المال الحرام، ولكن معناه أوسع من السرقة. بكثير، ويشمل عناصر متعددة سنذكرها فيما بعد...
* والسرقة هي خسة في نفس السارق وعدم أمانة... إنها تحطم شخصيته في نظر الناس، وتدعوهم إلى الاحتراس منه والى احتقاره وعدم الخلطة به... بل قد تجعل السارق ذاته حقيراً في عينى نفسه.
** والسرقة قد تكون في الخفاء أو في العلن بإرادة المسروق أو بغير إرادته. ومن أمثلة حدوثها في الخفاء بدون علم المسروق ما يفعله المختلسون أو كسرقة مال شخصى في غيبته أو أثناء نومه. أما في العلن فمن أمثلتها ما تتم عن طريق الاحتيال أو الخداع أو التزوير. وفى هذه الحالة تكون برضى المسروق ولكن بغير علمه بحيلة السارق. وقد تحدث السرقة أيضاً علناً أمام بصر المسروق وتحت سمعه، ولكن بغير رضاه، كالاستيلاء على ماله بالقوة، بالقهر أو بالاغتصاب أو بالتهديد. وهذا ما يسمونه (السرقة بالإكراه) مثلما يفعل الخاطفون وقاطعو الطريق وقراصنة البحار. وهؤلاء تمتزج سرقتهم بالإيذاء.
** والسرقة قد تكون أحياناً نوعاً من المرض النفسى، يحتاج إلى علاج لا إلى عقاب. وفى حالة هذا المرض، يلاحظ أن السارق قد يأخذ أشياء لا يحتاج اليها مطلقاً، أو لا يعرف كيف ينتفع بها. إنما يجد لذة في الاحتفاظ بها وفى أخذها من غيره. وربما يكون مدفوعاً إلى هذه السرقة المرضية بعوامل داخلية فوق إرادته، وهو يفعل هذا ولا يستطيع أن يقاوم نفسه..
** عموماً فالمال الحرام الذي يحصل عليه السارق كفيل بأن يضيّع المال الحلال الذي كان موجوداً معه من قبل. وعلى رأى المثل "المال الحرام يأخذ الحلال معه ويضيّعه". فالسرقة هي نار للسارق نفسه، تتلف ما معه. مثل انسان تناول طعاماً تالفاً أو غير مقبول الطعم أو عفناً. فما أن ينزل هذا الطعام إلى جوفه، حتى يتقيأ كل ما في داخله من جيد وردئ...
فما أجمل أن يعيش الناس معاً في جو من الأمانة من الثقة المتبادلة والإطمئنان، حيث يترك الانسان أى شئ له في أى مكان، فيجده حيث هو. ويترك بيته مفتوحاً، فلا يأخذ أحد منه شيئاً... وإن نسى خطاباته أو أسراره في موضع، يكون مطمئناً أنه لن يسمح أحد لنفسه أن يطّلع على شئ منها...!
** إن السرقة خطيئة تخجل من ذاتها، لذلك فإن تُقترف في الظلام، وصاحبها يشمئز منها ويتبرأ ويحاول أن ينفيها عن نفسه. ولهذا نقول "إن سار شيطان السرقة في طريق، يقول له شيطان الكذب (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات): خذنى معك". فمن الصعب أن تجد سارقاً لا يكذب. فهو يكذب لكى يغطى سرقته وينكرها. وهو يكذب قبل السرقة واثناءها. يكذب قبلها لكى يتمكن من إتمامها، كما يفعل الخادعون، ويكذب أثناءها لكى تستمر أو لكى يخدع من يراقبه ومن يشك فيه. ويكذب بعدها لينجو من الخجل أو من العقوبة...

** وتزداد خطية السرقة ثقلاً بعاملين: أحدهما مقدار الضرر الذي يحيق بالمسروق، وثانيهما شخصية المسروق ذاتها. فهناك من يسرق من الأفراد، ومن يسرق من الهيئات أو البنوك، ومن يسرق مال الدولة، ومن يسرق من بيت الله أو من حقوق الله المالية عليه.
والسرقة من الفقير والمحتاج لها بشاعتها، كمن ينهب مال اليتيم أو الأرملة، أو ما قاله شاعر عن بعض من جمعوا المال حراماً، أنهم:
خطفوه من فم الجوعان بل من رضيع لم يوفّوه فطام.  مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت.
** وهنا لا تقاس ثقل السرقة بمقدار قيمة الشئ المسروق، وإنما بمقدار أهميته للشخص الذي سرق منه... وقد لا تكون للشئ المسروق قيمة في ذاته، لكنه يمثل لصاحبه ذكرى عزيزة أو أهمية خاصة، بحيث أن فقده يحدث في قلبه ألماً عميقاً لأن من الصعب تعويضه!.
* والسرقة من انسان محتاج تدل على انعدام الشفقة في قلب السارق. مثال ذلك من يأخذ ربا أو رهناً من شخص لا يجد قوته الضرورى. فكأنه يسلبه طعامه وطعام أولاده. وهذا الفقير لولا عوزه، ما كان يلجأ إلى القرض أو الرهن. فهل يليق بدلاً من مساعدته، أن يقرضه الدائن بالربا؟! وهذا المال الزائد الذي يأخذه المرابى من الفقير غير الربا الذي تدفعه البنوك والمصارف التي تتاجر بمال المودعين عن طريق مشروعات اقتصادية تربح منها، ثم تشركهم في ربحها باعتبارهم شركاء في رأس المال.
* على أن العكس قد يحدث بأن يسرق بعض المودعين من البنوك، بأن يأخذ قرضاً بالملايين ثم يهرب. وهناك أيضاً نوع آخر يسمى (بالقروض المعدومة)، له اسم القرض مع العجز التام عن الوفاء به، وهو كذلك سلب لمال الغير. وأصعب منه (إعلان الإفلاس) حيث يضيّع حقوق كثيرين، سواء كان إفلاساً حقيقياً أو حيلة مدبرّة...
** أما السرقة من مال الدولة فتأتى بوسائل متعددة منها ما يقوم به البعض من حيل للإفلات من الضرائب أو من الجمارك، أو المطالبة بالإعفاء من رسوم معينة بدون وجه حق، أو استخدام عربات الدولة في تنقلات خاصة لا علاقة لها بالعمل، أو استخدام النفوذ في شراء أراضٍ أو املاك للدولة بأبخس الأثمان، أو الحصول على رشوة للمساعدة في سلب بعض حقوق الدولة المالية. وتكون الرشوة هي من بنود المال الحرام...

** هناك انواع اخرى من السرقات ثم سرقة الأفكار والسرقات الأدبية، والتسخير، والسرقة في مجالات التجارة، وفى الفن، وفى القمار، مما سوف نعرض له في المقال المقبل، إن احبت نعمة الرب وعشنا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جدنا على فيس بوك

منتدى ملك الملوك بشكل جديد www.malek-elmlook.com ملك الملوك ارض الحصريات